أخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي حدّثنا أبو أحمد بن فارس حدّثنا البخاريّ. قال: داود بن نصير الطائي أبو سليمان مات بعد الثوري، قاله لي على وقال لي ابن أبي الطّيّب عن أبي داود: مات إسرائيل وداود في أيام وأنا بالكوفة. وقال أبو نعيم: مات سنة ستين ومائة.
وأخبرنا ابن الفضل أخبرنا جعفر الخلدي حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي حدّثنا محمّد بن عبد الله بن نمير. قال: مات داود الطائي سنة خمس وستين ومائة.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمّد بن عثمان البجليّ أخبرنا جعفر ابن محمّد بن نصير حدّثنا أبو الوليد بشر بن أبي عاصم حدّثني أبو الهيثم خالد بن أبي الصقر السّدوسيّ. قال قال أبي: لما مات داود بن نصير الطائي جاء ابن السّمّاك فجلس على قبره ثم قال: أيها الناس إن أهل الزهد في الدّنيا تعجلوا التعب على أبدانهم مع ثقل الحساب عليهم غدا، والزهادة راحة لصاحبها في الدّنيا والآخرة، والرغبة تتعب صاحبها في الدّنيا والآخرة، رحمك الله يا أبا سليمان! ما كان أعجب شأنك ألزمت نفسك الصبر حتى قومتها عليه، أجعتها وإنما تريد شبعها، وأظمأتها وإنما تريد ريها، أخشنت المطعم وإنما تريد أطيبه، وخشنت الملبس وإنما تريد لينه، يا أبا سليمان أما كنت تشتهي من الطعام طيبه، ومن الماء باردة، ومن اللباس لينه، بلى! ولكنك أخرت ذلك لما بين يديك، فما أراك إلا قد ظفرت بما طلبت، وما إليه رغبت، فما أيسر ما صنعت وأحقر ما فعلت، في جنب ما أملت، فمن سمع بمثلك عزم عزمك، أو صبر صبرك!! آنس ما تكون إذا كنت بالله خاليا، وأوحش ما تكون آنس ما يكون الناس، سمعت الحديث وتركت الناس يحدثون، تفهمت في دين الله وتركتهم يفتون، لا تذللك المطامع، ولا ترغب إلى الناس في الصنائع، ولا تحسد الأخيار، ولا تعيب الأشرار، ولا تقبل من السلطان عطيّة، ولا من الإخوان هدية، سجنت نفسك في بيتك، فلا محدث لك، ولا ستر على بابك، ولا قلة تبرد فيها ماءك، ولا قصعة تثرد فيها غداءك وعشاءك، فلو رأيت جنازتك وكثرة تابعك، علمت أنه قد شرفك وكرمك، وألبسك رداء عملك، فلو لم يرغب عبد في الزهد في الدّنيا إلا لمحبة هذا النشر الجميل، والتابع الكثير، لكان حقيقا بالاجتهاد. فسبحان من لا يضيع مطيعا، ولا ينسى لأحد صنيعا. وفرغ من دفنه وقام الناس.