أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّي قال: سمعت أمي تقول: سمعت مريم امرأة أبي عثمان تقول: صادفت من أبي عثمان خلوة فاغتنمتها، فقلت: يا أبا عثمان أي عملك أرجى عندك؟ فقال: يا مريم لما ترعرعت وأنا بالري، وكانوا يريدونني على التزويج فأمتنع، جاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان قد أحببتك حبا ذهب بنومي وقراري، وأنا أسألك بمقلب القلوب، وأتوسل به إليك أن تتزوج بي. قلت: ألك والد؟ قالت: نعم فلان الخيّاط في موضع كذا وكذا فراسلت أباها أن يزوجها مني ففرح بذلك، وأحضرت الشهود فتزوجت بها، فلما دخلت بها وجدتها عوراء، عرجاء، مشوهة الخلق، فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته لي، وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك فأزيدها برا وإكراما، إلى أن صارت بحيث لا تدعني أخرج من عندها، فتركت حضور المجالس إيثارا لرضاها وحفظا لقلبها. ثم بقيت معها على هذه الحال خمس عشرة سنة، وكأني في بعض أوقاتي على الجمر وأنا لا أبدي لها شيئا من ذلك إلى أن ماتت، فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبها من جهتي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النّيسابوري قال: سمعت أبا عبد الرّحمن السلمي يقول: سمعت عبد الله بن محمّد الشعراني يقول: سمعت أبا عثمان يقول: منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال فكرهته، ولا نقلني إلى غيره فسخطته.
أخبرنا أبو حازم، أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: حضرت مجلس أبي عثمان الحيرى الزاهد، فخرج وقعد على موضعه الذي كان يقعد للتذكير، فسكت حتى طال سكوته، فناداه رجل كان يعرف بأبي العبّاس: نرى أن تقول في سكوتك شيئا، فأنشأ يقول:
وغير تقيّ يأمر الناس بالتقي … طبيب يداوي والطبيب مريض
قال: فارتفعت الأصوات بالبكاء والضجيج.
أخبرني محمّد بن عليّ المقرئ، أخبرني محمّد بن عبد الله النّيسابوري الحافظ قال: سمعت أبا الحسن بن أبي عثمان الزاهد يقول: توفي أبي ليلة الثلاثاء لعشر بقين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين ومائتين.