مخلد السروي الجواني قال: حدّثني الجواني الهاشميّ قال: حدّثني أبي قال: كان سلم الخاسر غلام بشّار، قال: فقال لي بشّار: يا أبا مخلد ما فعلت بغلام قط إلّا بسلم، وإنما أردت أن أقصر من درايته، فإنه قد شعر جدا، فلهذا فعلت. وكان سلم قد كسب مالا منه مائة ألف درهم، وألف درهم بقوله في قصيدته التي يمدح المهديّ:
حضر الرحيل وشدت الأحداج … وحدا بهن مشمر مزعاج
ويقول فيها:
شربت بمكة في ذرى بطحائها … ماء النبوة ليس فيه مزاج
وكان المهديّ أعطى ابن أبي حفصة مائة ألف درهم بقصيدته:
طرقتك زائرة فحى خيالها
فأراد أن ينقص سلما من هذه الجائزة، فحلف سلم أن لا يأخذ إلّا مائة ألف درهم، وألف درهم، وقال تطرح القصيدتان إلى أهل العلم حتى يخبروا بتقدم قصيدتي، فأنفذ له المهديّ مائة ألف درهم وألف درهم. فكان هذا من أصل ماله، وكان ينتمي إلى ولاء بني تيم بن مرة من قريش، فلما بلغ زمان الرشيد قال قصيدته التي فيها:
قد بايع الثقلان مهديّ الهدى … لمحمّد بن زبيدة ابنة جعفر
فحشت زبيدة فاه درا فباعه بعشرين ألف دينار، وهذا حين بايع الرشيد لمحمّد بن زبيدة، ومات سلم في أيام الرشيد وقد اجتمع عنده من المال قيمة ستة وثلاثين ألف دينار، فأودعها أبا السمراء الغساني، فبقيت عنده فإن إبراهيم الموصليّ يوما لعند الرشيد وغناه فأطربه، فقال: يا إبراهيم سل ما شئت؟ قال: نعم! يا سيدي أسأل شيئا لا يرزؤك، قال: ما هو؟ قال: مات سلم وليس له وارث، وخلف ستة وثلاثين ألف دينار عند أبي السمراء الغساني تأمره أن يدفعها إليّ، فبعث إليه أن يدفعها إليه فدفعها، وكان الجماز بعد ذلك قدم هو وأبوه يطالبان بميراث سلم بأنهما من قرابته.
أخبرنا عبد الواحد بن الحسين الحذّاء، أخبرنا إسماعيل بن سعيد، حدّثنا أبو بكر ابن الأنباريّ قال: حدّثني أبي، حدّثنا الحسن بن عبد الرّحمن الربعي، حدّثنا محمّد