سعيد قال: جاء رجل إلى سفيان ببدرة- أو قال: ببدرتين، شك أبو زكريّا- وكان أبو ذلك الرجل صديقا لسفيان جدّا، وكان سفيان يأتيه فيقيل عنده، ويأتيه كثيرا، قال:
فقال: أبا عبد الله في نفسك من أبي شيء؟ فأثنى عليه وقال: رحم الله أباك وذكر من فضله، فقال له: يا أبا عبد الله قد عرفت كيف صار إليّ هذا المال، وأنا أحب أن تقبل هذا الذي جئتك به تستعين به على عيالك، قال: فقبله منه، فخرج الرجل، فلما خرج أو كاد أن يخرج قال لي يا مبارك الحقه فرده، قال: فلحقته فرددته، فقال: يا ابن أخي أحب أن تقبل هذا المال، فإني قد قبلته منك، ولكن أحب أن تأخذه، فترجع به فقال: يا أبا عبد الله في نفسك منه شيء؟ قال: لا ولكن أحب أن تقبله فلم يزل به حتى أخذه، فلما خرج جئت وقد داخلني مالا أملك، فقعدت بين يديه فقلت: ويحك يا أخي أيش قلبك هذا؟ حجارة. أنت ليس لك عيال، أما ترحمني، أما ترحم إخوانك، أما ترحم صبياننا، قال: فأكثرت عليه من هذا النحو فقال: يا مبارك تأكلها أنت هنيئا مريئا، وأسأل أنا عنها؟ لا يكون هذا أبدا.
أخبرنا محمّد بن عبد الله الهيتي، حدّثنا أحمد بن سلمان، حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدّثنا أحمد بن أسد، حدّثنا محمّد بن عبد الوهّاب قال: ما رأيت الفقر قط أعز ولا أرفع منه في مجلس سفيان، ولا رأيت الغنى، أذل منه في مجلس سفيان.
أخبرنا عثمان بن محمّد العلّاف، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدّثنا محمّد بن غالب قال: حدّثني يحيى بن أيّوب، حدّثنا عليّ بن ثابت قال: رأيت سفيان في طريق مكة، فقومت كل شيء عليه حتى نعليه، درهم وأربعة دوانيق.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدّثنا يعقوب، حدّثنا أحمد بن الخليل، حدّثنا عبد الرّحمن بن عثمان، حدّثنا أبو قطن قال: قال لي شعبة: إن سفيان الثوري ساد الناس بالورع والعلم.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن أبان الهيتي، حدّثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن شبويهقال: سمعت أبا رجاء قتيبة يقول: لولا الثوري لمات الورع.
أخبرنا عليّ بن محمّد الحذّاء، حدّثنا أحمد بن جعفر بن سلم، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد الخالق، حدّثنا أبو بكر المروذي، حدّثنا محمّد بن أبي محمّد قال: قال الأوزاعي: لو قيل لي اختر لهذه الأمة ما اخترت إلا سفيان الثوري.