محمّد بن جعفر بن هارون التّميميّ الكوفيّ قال: أنشدنا أبو بكر الدارمي عن عمه لصالح بن عبد القدوس:
مرء يجمع والزمان يفرق … ويظل يرقع والخطوب تمزق
ولأن يعادي عاقلا خيرا له … من أن يكون له صديق أحمق
فارغب بنفسك لا تصادق أحمقا … إن الصديق على الصديق مصدق
وزن الكلام إذا نطقت فإنما … بيدي عيوب ذوي العقول المنطق
ومن الرجال إذا استوت أحلامهم … من يستشار إذا استشير فيطرق
حتى يجيل بكل واد قلبه … فيرى ويعرف ما يقول فينطق
فبذاك يوثق كل أمر مطلق … وبذاك يطلق كل أمر يوثق
وإن امرؤ لسعته أفعى مرة … تركته- حين يجر- حبل يفرق
لا ألفينك ثاويا في غربة … إن الغريب بكل سهم يرشق
ما الناس إلا عاملان فعامل … قد مات من عطش وآخر يغرق
والناس في طلب المعاش وإنما … الجد يرزق منهم من يرزق
لو يرزقون الناس حسب عقولهم … ألفيت أكثر من ترى يتصدق
لكنه فضل المليك عليهم … هذا عليه موسع ومضيق
وإذا الجنازة والعروس تلاقيا … ألفيت من تبع العرائس يطلق
ورأيت من تبع الجنازة باكيا … ورأيت دمع نوائح يترقرق
لو سار ألف مدجج في حاجة … لم يقضها إلّا الذي يترفق
إن الترفق للمقيم موافق … وإذا يسافر فالترفق أوفق
بقي الذين إذا يقولوا يكذبوا … ومضى الذين إذا يقولوا يصدقوا
أخبرني عليّ بن أيّوب القمي، أخبرنا محمّد بن عمران بن موسى، حدّثني عليّ ابن هارون النّجم عن أبيه قال: من مختار شعر صالح بن عبد القدوس قوله:
إن الغني الذي يرضى بعيشته … لا من يظل على ما فات مكتئبا
لا تحقرن من الأيام محتقرا … كل امرئ سوف يجزى بالذي اكتسبا
قد يحقر المرء ما يهوى فيركبه … حتى يكون إلى توريطه سببا
بلغني عن عبد الله بن المعتز قال: حدّثني أحمد بن عبد الرّحمن بن المعبر قال:
رأيت صالح بن عبد القدوس في المنام ضاحكا مستبشرا، فقلت: ما فعل بك ربك؟