حدّثنا سلامة بن الحسين المقرئ، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ، حدّثنا الحسين بن إسماعيل، حدّثنا عبد الله بن أبي سعد، حدّثني هارون بن ميمون الخزاعيّ، حدّثنا محمّد بن أبي شيخ- من أهل الرقة- حدّثني أحمد بن يزيد بن أسيد السلمي. قال:
كنت مع طاهر بن الحسين بالرقة- وأنا أحد قواده، وكانت لي به خاصية أجلس عن يمينه، فخرج علينا يوما راكبا ومشينا بين يديه، وهو يتمثل:
عليكم بداري فاهدموها فإنها … تراث كريم لا يخاف العواقبا
إذا هم ألقى بين عينيه عزمه … وأعرض عن ذكر العواقب جانبا
سأدحض عني العار بالسيف جالبا … على قضاء الله ما كان جالبا
فدار حول الرفقة ثم رجع، فجلس مجلسه، فنظر في قصص ورقاع، فوقع فيها صلات أحصيت ألف ألف وسبعمائة ألف. فلما فرغ نظر إلىّ مستطعما للكلام.
فقلت: أصلح الله الأمير ما رأيت أنبل من هذا المجلس، ولا أحسن، ودعوت له، ثم قلت: لكنه سرف. فقال: السرف من الشرف، فأردت الآية التي فيها: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان ٦٧] فجئت بالأخرى التي فيها إن الله ﴿لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف ٣١، الأنعام ١٤١] فقال: صدق الله، وما قلنا كما قلنا.
أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهريّ، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا أبو القاسم علان الرّزّاز، حدّثني أبو الحسن الجاماسبي قال: قال لي رجل بخراسان: قال صديق لي: رأيت رجلا بمرو في يوم جمعة بحال سيئة، ثم رأيته في الجمعة الأخرى على برذون. فقلت له: ما الخبر؟ فقال: أنا على باب طاهر بن الحسين منذ ثلاث سنين ألتمس الوصول إليه فيتعذر ذلك، حتى قال لي بعض أصحابه يوما: إن الأمير يركب اليوم في الميدان للعب بالصوالجة، فقلت: اليوم أصل إليه، فصرت إلى الميدان فرأيت الوصول متعذرا، وإذا فرجة من بستان فالتمست الوصول منها إلى الميدان، فلما سمعت الحركة وضرب الصوالجة ألقيت نفسي من الثلمة فنظر إلىّ فقال: من أنت؟ فقلت: أنا بالله وبك أيها الأمير إياك قصدت، ومنك أطلب وقد قلت بيتي شعر. فقال: هاتهما، وأقبل ميكال إلىّ فزجره عني فأنشدته: