للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اثنتين وعشرين وأربعمائة. وكان القادر بالله جعله ولي عهده من بعده، ولقبه القائم بأمر الله، وخطب له بذلك في حياته.

أخبرنا عبيد الله بن محمّد بن عبيد الله التّمّار، حدّثنا محمّد بن المظفر، حدّثني محمّد بن جعفر بن أحمد بن عمر الناقد.

وأخبرني الحسن بن عليّ الجوهريّ، أخبرنا عليّ بن محمّد بن أحمد الورّاق، حدّثنا الحسن بن أحمد العطاردي قالا: حدّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدّثنا محمّد ابن جابر عن الأعمش عن أبي الودّاك عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «منا القائم، ومنا المنصور، ومنا السفاح، ومنا المهديّ، فأما القائم فتأتيه الخلافة لم يهرق فيها محجمة من دم، وأما المنصور فلا ترد له راية، وأما السفاح فهو يسفح المال والدم، وأما المهديّ فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما» (١).

لم يزل أمر القائم بأمر الله مستقيما إلى أن قبض عليه في سنة خمسين وأربعمائة، وكان السبب في ذلك؛ أن أرسلان التركي المعروف بالبساسيري كان قد عظم أمره واستفحل شأنه، لعدم نظرائه من مقدمي الأتراك المسمين بالاصفهسلارية، واستولى على البلاد، وانتشر ذكره، وطار اسمه، وتهيبته أمراء العرب والعجم، ودعى له على كثير من المنابر العراقية، وبالأهواز ونواحيها، وجبى الأموال، وخرب الضياع، ولم يكن الخليفة القائم بأمر الله يقطع أمرا دونه، ولا يحل ويعقد إلا عن رأيه، ثم صح عند الخليفة سوء عقيدته وشهد عنده جماعة من الأتراك أن البساسيري عرّفهم- وهو إذ ذاك بواسط- عزمه على نهب دار الخليفة، والقبض على الخليفة، فكاتب الخليفة أبا طالب محمّد بن ميكال المعروف بطغرل بك أمير الغز، وهو بنواحي الري يستنهضه على المسير إلى العراق وانفض أكثر من كان مع البساسيري وعادوا إلى بغداد، ثم أجمع رأيهم على أن قصدوا دار البساسيري وهي بالجانب الغربي في الموضع المعروف بدرب صالح بقرب الحريم الطاهري فأحرقوها وهدموا أبنيتها، ووصل طغرلبك إلى بغداد في شهر رمضان من سنة سبع وأربعين وأربعمائة، ومضى البساسيري على الفرات إلى الرحبة، وتلاحق به خلق كثير من الأتراك البغداديّين، وكاتب صاحب مصر يذكر له كونه في طاعته، وأنه على إقامة الدعوة له بالعراق، فأمده بالأموال وولاه الرحبة، وأقام طغرلبك ببغداد سنة إلى أن خرج منها إلى الموصل وأوقع بأهل سنجار،


(١) انظر الحديث في: العلل المتناهية ١/ ٢٩٠. وكنز العمال ٢٧٣١٧، ٣٨٦٨٧، ٣٨٦٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>