للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالأدب، فلما خرج أمرت بحمله فضربته سبع درر، قال: فإنه ليدلك عينه من البكاء، إذ قيل هذا جعفر بن يحيى قد أقبل، فأخذ منديلا فمسح عينيه من البكاء، وجمع ثيابه وقام إلى فراشه فقعد عليها متربعا ثم قال: ليدخل، فدخل فقمت عن المجلس، وخفت أن يشكوني إليه، فألقى منه ما أكره، قال: فأقبل عليه بوجهه وحديثه، حتى أضحكه وضحك إليه، فلما هم بالحركة دعا بدابته وأمر غلمانه فسعوا بين يديه، ثم سأل عني فجئت، فقال: خذ عليّ ما بقي من جزئي، فقلت أيها الأمير- أطال الله بقاءك- لقد خفت أن تشكوني إلى جعفر بن يحيى، ولو فعلت ذلك لتنكر لي، فقال:

أتراني يا أبا محمّد كنت أطلع الرّشيد على هذه؟ فكيف بجعفر بن يحيى حتى أطلعه إني أحتاج إلى أدب؟ إذا يغفر الله لك بعد ظنك ووجيب قلبك، خذ في أمرك فقد خطر ببالك ما لا تراه أبدا، ولو عدت في كل يوم مائة مرة.

أخبرنا القاضي أبو الطّيّب الطبري، أخبرنا المعافى بن زكريا، حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ، حدّثني أبي قال: قال منصور البرمكي: كانت لهارون الرّشيد جارية غلامية تصب على يده، وتقف على رأسه، وكان المأمون يعجب بها وهو أمرد، فبينا هي تصب على هارون من إبريق معها والمأمون مع هارون قد قابل بوجهه وجه الجارية، إذ أشار إليها بقبلة، فزبرته بحاجبها، وأبطأت عن الصب في مهلة ما بين ذلك، فنظر إليها هارون فقال: ما هذا؟ فتلكأت عليه، فقال: ضعي ما معك، عليّ كذا إن لم تخبريني لأقتلنك، فقالت: أشار إلى عبد الله بقبلة، فالتفت إليه وإذا هو قد نزل به من الحياء والرعب ما رحمه منه، فاعتنقه وقال: أتحبها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: قم فادخل بها في تلك القبة. فقام ففعل، فقال له هارون: قل في هذا شعرا، فأنشأ يقول:

ظبى كنيت بطرفي … عن الضمير إليه

قبلته من بعيد … فاعتل من شفتيه

ورد أخبث رد … بالكسر من حاجبيه

فما برحت مكاني … حتى قدرت عليه

أخبرنا أبو محمّد يحيى بن الحسن بن الحسن بن المنذر المحتسب، أخبرنا إسماعيل ابن سعيد المعدل، أخبرنا أبو بكر بن دريد، أخبرنا الحسن بن خضر قال: سمعت ابن أبي دؤاد يقول: أدخل رجل من الخوارج على المأمون، فقال: ما حملك على خلافنا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>