الظل، فأبيت عليه فقال: أول العدل أن يعدل الملك في بطانته، ثم الذين يلونهم، حتى يبلغ إلى الطبقة السفلى.
أخبرني الحسن بن محمّد الخلّال، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران، حدّثنا محمّد بن الحسن بن محمّد الموصليّ، حدّثنا عبد الله بن محمود المروزيّ قال:
سمعت يحيى بن أكثم القاضي يقول: ما رأيت أكمل آلة من المأمون، وجعل يحدث بأشياء استحسنها من كان في مجلسه، ثم قال: كنت عنده- يعني ليلة- أذاكره وأحدثه، ثم نام وانتبه فقال: يا يحيى أنظر أيش عند رجلي فنظرت فلم أر شيئا، فقال شمعة، فتبادر الفراشون فقال انظروا، فنظروا فإذا تحت فراشه حية بطوله فقتلوها، فقلت قد انضاف إلى كمال أمير المؤمنين علم الغيب، فقال: معاذ الله، ولكني هتف بي هاتف الساعة وأنا نائم فقال:
يا راقد الليل انتبه … إن الخطوب لها سرى
ثقة الفتى بزمانه … ثقة محللة العرى
قال: فانتبهت فعلمت أن قد حدث أمر إما قريب، وإما بعيد، فتأملت ما قرب فكان ما رأيت.
أخبرني محمّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمّد بن عبد الله النّيسابوريّ الحافظ قال:
سمعت أبا بكر محمّد بن داود بن سليمان الزّاهد يقول: سمعت محمّد بن عبد الرّحمن السامي يقول: سمعت أبا الصّلت عبد السّلام بن صالح يقول: حبسني الخليفة المأمون ليلة، فكنا نتحدث حتى ذهب من الليل ما ذهب وطفئ السراج، ونام القيم الذي كان يصلح السراج، فدعاه فلم يجبه- وكان نائما- فقلت: يا أمير المؤمنين أصلحه؟ فقال لا فأصلحه هو، ثم انتبه الخادم فظننت أنه يعاقبه لأنه كان يناديه وهو نائم فلا يجيبه، قال: فتعجبت أنا فسمعته يقول: ربما أكون في المتوضأ فيشتموني- وأظنه قال: ويفترون عليّ- ولا يدرون أني أسمع، فأعفو عنهم.
أخبرنا الجوهريّ، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا الصولي، حدّثنا عون بن محمّد، حدّثنا عبد الله بن البواب قال: كان المأمون يحلم حتى يغيظنا في بعض الأوقات، جلس يستاك على دجلة من بغداد من وراء ستره ونحن قيام بين يديه فمر ملاح وهو يقول بأعلى صوته: أتظنون أن هذا المأمون ينبل في عيني وقد قتل أخاه؟! قال: فو الله ما زاد على أن تبسم وقال لنا: ما الحيلة عندكم حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل!