يقول غيرة مرة: والله لو أخذت لحلفت بين الركن والمقام، لحلفت بالله أني لم أر أحدا قط أعلم بالحديث من عبد الرّحمن بن مهديّ.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد الله القطّان، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق- هو القاضي- قال: سمعت علي بن المدينيّ يقول: أعلم الناس بالحديث عبد الرّحمن بن مهديّ. قال القاضي: وكان عليّ شديد التوقي، فأضرم على عبد الرّحمن، وكان عبد الرّحمن يعرف حديثه وحديث غيره، قال:
وكان يذكر له الحديث عن الرجل فيقول خطأ، ثم يقول: ينبغي أن يكون أتى هذا الشيخ من حديث كذا من وجه كذا، فنجده كما قال. قال: وقلت له: قد كتبت حديث الأعمش- وكنت عند نفسي أني قد بلغت فيها- فقلت ومن يفيدنا عن الأعمش؟ قال: فقال لي من يفيدك عن الأعمش؟ قلت: نعم! قال: فأطرق ثم ذكر ثلاثين حديثا ليست عندي، قال: وتتبع أحاديث الشيوخ الذين لم ألقهم أنا ولم أكتب حديثهم عن رجل، قال القاضي: أحفظ أن ممن ذكره منصور بن أبي الأسود.
أخبرني محمّد بن أحمد بن علي الدّقّاق، حدّثنا أحمد بن إسحاق النهاوندي- بالبصرة- أخبرنا الحسن بن عبد الرّحمن بن خلّاد، أخبرني أبي أن القاسم بن نصر المخرّميّ حدثهم قال: سمعت علي بن المدينيّ يقول: قدمت الكوفة فعنيت بحديث الأعمش فجمعته، فلما قدمت البصرة لقيت عبد الرّحمن فسلمت عليه، فقال: هات يا علي ما عندك، فقلت: ما أحد يفيدني عن الأعمش شيئا، قال فغضب فقال: هذا كلام أهل العلم، ومن يضبط العلم، ومن يحيط به؟ مثلك يتكلم بهذا؟ أمعك شيء يكتب فيه؟ قلت نعم! قال أكتب، قلت ذاكرني فلعله عندي، قال أكتب لست أملى عليك إلا ما ليس عندك، قال فأملى عليّ ثلاثين حديثا لم أسمع منها حديثا. ثم قال:
لا تعد، قلت لا أعود. قال علي: فلما كان بعد سنة جاء سليمان إلى الباب، فقال:
امض بنا إلى عبد الرّحمن أفضحه اليوم في المناسك، قال علي: وكان سليمان من أعلم أصحابنا بالحج، قال: فذهبنا فدخلنا عليه، فسلمنا وجلسنا بين يديه. فقال: هاتا ما عندكما، وأظنك يا سليمان صاحب الخطبة، قال: نعم ما أحد يفيدنا في الحج شيئا، فأقبل عليه بمثل ما أقبل عليّ، ثم قال: ياسليمان ما تقول في رجل قضى المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، فوقع على أهله؟ فاندفع سليمان فروى: يتفرقان حيث