المؤمنين، فلما أن صمت الرّشيد قال له ابن عائشة: يا أمير المؤمنين وما هو أحسن من هذا؟ قال: ما هو يا عم؟ قال: المعرفة بقدري، والقصد في أمري، قال: يا عم أحسنت.
أنبأنا إبراهيم بن مخلد، حدّثنا أحمد بن كامل القاضي، حدّثنا أسد بن الحسن البصريّ قال: سأل رجل في المسجد- وعبيد الله بن محمّد بن حفص العيشي حاضر- فلم يعطه أحد شيئا، وكان على العيشي مطرّف خز. فقال: خذ هذا المطرّف، قال فأخذه فلما ولى دعاه فرجع إليه، فقال إن ثمن المطرّف أربعون دينارا فانظر لا تخدع عنه فمضى فباعه، فعرف أنه مطرّف العيشي فاشتراه ابن عم له ورده عليه.
أخبرنا أحمد بن محمّد بن روح النهرواني، أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري، حدّثنا يعقوب بن محمّد بن صالح الكريزي.
وأخبرنا الحسين بن محمّد أخو الخلّال- واللفظ له- أخبرنا إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم الشطي- بجرجان- حدّثنا أبو القاسم الكريزي، حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي قال: كنت عند ابن عائشة فجاءه رجل فسأله أن يهب له شيئا، فنزع جبة سعيدية كانت عليه تساوي ستة دنانير- أو سبعة دنانير- فدفعها إليه، فقال له وكيله:
يا أبا عبد الرّحمن ما أخوفني عليك أن تموت فقيرا، قال: وكيف ذلك؟ قال: كانت لك ست جبات فوهبتها، وبقيت لك هذه وحدها فوهبتها، وهذا الشتاء مقبل. فقال:
إليك عني، فإني أريد أن أكون كما قال الأول:
وفتى خلا من ماله … ومن المروءة غير خال
أعطاك قبل سؤاله … وكفاك مكروه السؤال
وإذا رأى لك موعدا … كان الفعال مع المقال
لله درك من فتى … ما فيك من كرم الخصال
حدّثنا أبو حازم العبدوي- إملاء- قال: سمعت عبد الله بن محمّد بن علي المعدل يقول: سمعت محمّد بن إسحاق الثّقفيّ يقول: سمعت محمّد بن زكريا يقول:
سمعت ابن عائشة قال له مولى له يقال له بكر نحله: يا عبيد الله، والله لا تموت إلا فقيرا، كم تعطي؟! قال فضحك ثم قال: أنا والله كما قال الشّاعر:
وفتى خلا من ماله … ومن المروءة غير خال
أعطاك قبل سؤاله … وكفاك مكروه السؤال