زنجي الكاتب. قال: قال لي أبو عبد الله بن عبيد الله بن رشيد الكاتب: حمّلني أبو الحسن علي بن محمّد بن الفرات في وقت من الأوقات برا واسعا إلى أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، وأوصلته إليه ووجدته على فاقة شديدة، فقبله وكتب إليه:
أياديك عندي معظمات جلائل … طوال المدى شكري لهن قصير
فإن كنت عن شكري غنيا فإننى … إلى شكر ما أوليتني لفقير
قال فقلت: هذا- أعز الله الأمير- حسن. قال: أحسن منه ما سرقته منه فقلت وما هو؟ قال: حديثان.
قال: حدّثني بهما أبو الصّلت الهرويّ بخراسان، عن أبي الحسن الرضى عن آبائه.
قال: قال النبي ﷺ: «أسرع الذنوب عقوبة كفران النعم» وبهذا الإسناد عن رسول الله ﷺ أنه قال: «يؤتي بعبد فيوقف بين يدي الله تعالى فيأمر به إلى النار، فيقول أي رب لم أمرت بي إلى النار؟ فيقول لأنك لم تشكر نعمتي، فيقول أي رب أنعمت على بكذا فشكرت، وكذا، فلا يزال يحصي النعم ويعدد الشكر، فيقول الله تعالى صدقت عبدي، إلا أنك لم تشكر من أنعمت عليك بها على يديه، وقد آليت على نفسي ألا أقبل شكر عبد على نعمة أنعمتها عليه أو يشكر من أنعمت بها على يديه».
قال فانصرفت بالخبر إلى أبي الحسن وهو في مجلس أخيه أبي العبّاس أحمد بن محمّد، وذكرت ما جرى، فاستحسن أبو العبّاس ما ذكرته، وردني إلى عبيد الله ببر واسع أوسع من بر أخيه، فأوصلته إليه فقبله، وكتب إليه:
شكريك معقود بأيماني … حكّم في سري وإعلاني
عقد ضمير وفم ناطق … وفعل أعضاء وأركان
قال: فقلت هذا- أعز الله الأمير- أحسن من الأول، فقال: أحسن منه ما سرقته منه. قلت: وما هو؟
قال: حدّثني أبو الصّلت الهرويّ بخراسان، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضي، عن أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم، عن الصادق، عن الباقر، عن السجاد، عن السبط، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. قال: قال رسول الله ﷺ: «الإيمان عقد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان»(١) قال: فعدت إلى أبي العبّاس فحدثته
(١) انظر الحديث في: كشف الخفا ١/ ٢١. وتذكرة الموضوعات ١١. وإتحاف السادة المتقين ٩/ ١٥٢.