بلد أنت؟ فقلت: من بلد يقال له عكبرا، فقال لأصحابه: بلد غريب ما سمعنا عنه ومسافة شاسعة، ثم ضحك فالتفت إلىّ فقال لي: لا رد الله غربتك، مع أمك تغديت وجئت إلىّ.
حدّثني عبد الحميد بن علي العكبريّ قال: لم أر في شيوخ أصحاب الحديث ولا في غيرهم أحسن هيئة من ابن بطة. حدّثني القاضي أبو حامد أحمد بن محمّد الدلوي قال: لما رجع أبو عبد الله بن بطة من الرحلة لازم بيته أربعين سنة، فلم ير خارجا منه في سوق، ولا رؤى مفطرا إلا في يومي الأضحى والفطر. وكان أمارا بالمعروف، ولم يبلغه خبر منكر إلا غيره، أو كما قال.
كتب إلى أبو ذر عبد بن أحمد الهرويّ- من مكة- يذكر أنه سمع نصرا الأندلسي قال- وكان يحفظ ويفهم ورحل إلى خراسان- قال: خرجت إلى عكبرا فكتبت عن شيخ بها عن أبي خليفة وعن أبي بطة، ورجعت إلى بغداد، فقال أبو الحسن الدّارقطنيّ: أين كنت؟ قلت: بعكبرا، فقال: وعمن كتبت؟ فقلت: عن فلان صاحب أبي خليفة وعن ابن بطة فقال: وأيش كتبت عن ابن بطة؟ قلت كتاب السنن لرجاء ابن مرجي، حدّثني به ابن بطة عن حفص بن عمر الأردبيلي عن رجاء بن مرجي فقال: هذا محال، دخل رجاء بن مرجي بغداد سنة أربعين، ودخل حفص بن عمر الاردبيلي سنة سبعين ومائتين، فكيف سمع منه؟! حدّثني أبو القاسم عبد الواحد بن علي الأسديّ، حدّثني الحسن بن شهاب أن ابن بطة قدم بغداد، ونزل علي ابن السوسنجردي، فقرأ عليه أبو الحسن بن الفرات كتاب «السنن» لرجاء بن مرجي الحافظ، وكتبه ابن الفرات عنه عن حفص بن عمر الأردبيلي الحافظ عن رجاء، فأنكر ذلك أبو الحسن الدارقطني، وزعم أن حفصا ليس عنده عن رجاء وأنه يصغر عن السماع منه فأبردوا يريدا إلى أردبيل وكان ابن حفص ابن عمر حيّا هناك وكتبوا إليه يستخبرونه عن هذا الكتاب، فعاد جوابه بأن أباه لم يرو عن رجاء بن مرجئ، ولا رآه قط، وأن مولده كان بعد موته بسنين.
قال أبو القاسم: فتتبع ابن بطة النسخ التي كتبت عنه وغير الرواية وجعلها عن ابن الرّاجيّان عن فتح بن شخرف عن رجاء، ولما مات ابن بطة رأيت نسخته بالسنن وقد غير أول كل خبر منها وجعله رواية ابن الرّاجيّان عن شخرف عن رجاء.
قال: وقال لي الحسن بن شهاب: سألت أبا عبد الله بن بطة أسمعت من البغوي حديث علي بن الجعد؟ فقال: لا.