رأيت الأصمعيّ وسيبويه يتناظران. فقال يونس: الحق مع سيبويه، وهذا يغلبه بلسانه في الظاهر- يعني الأصمعيّ-.
أنبأنا الحسين بن محمّد الرافقي، أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدّثني أبو العبّاس أحمد بن يحيى قال: قدم الأصمعيّ بغداد وأقام بها مدة، ثم خرج عنها يوم خرج وهو أعلم منه حيث قدم بأضعاف مضاعفة.
أخبرنا الحسين بن الحسن بن محمّد بن القاسم المخزوميّ، حدّثنا أبو بكر محمّد ابن يحيى الصولي، حدّثنا محمّد بن عبد الواحد الأكبر، حدّثنا العبّاس بن الفرج قال: ركب الأصمعيّ حمارا دميما فقيل له أبعد براذين الخلفاء تركب هذا؟! فقال متمثلا:
ولما أبت إلا طرافا بودها … وتكديرها الشرب الذي كان صافيا
شربنا برنق من هواها مكدر … وليس يعاف الرنق من كان صاديا
هذا- وأملك ديني ونفسي-، أحب إلى من ذلك مع ذهابهما.
أخبرنا علي بن طلحة المقرئ، أخبرنا أبو الفتح محمّد بن إبراهيم الغازي، أخبرنا محمّد بن محمّد بن داود الكرجي، حدّثنا عبد الرّحمن بن يوسف بن خراش، حدّثنا نصر بن علي قال: سمعت الأصمعيّ يقول لعفّان- وجعل يعرض عليه شيئا من الحديث- فقال: اتق الله يا عفّان ولا تغير حديث رسول الله ﷺ بقولي. قال نصر:
وكان الأصمعيّ يتقى أن يفسر حديث رسول الله ﷺ، كما يتقى أن يفسر القرآن.
وقال الكرجي: سمعت ابن خراش يقول: سمعت أبا حاتم السجستاني يقول:
أهديت إلى الأصمعيّ قدحا من هذه السجزية، فجعل ينظر إليه ويقول ما أحسنه فقلت له: إنهم يزعمون أن فيه عرقا من الفضة، فرده على وقال: إن رسول الله ﷺ نهى أن يشرب في آنية الفضة.
أخبرنا الحسين بن علي الصيمري، حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني، حدّثنا الصولي، حدّثنا أبو العيناء قال: قال الجاحظ: كان الاصمعي مانيا. فقال له العبّاس بن رستم: لا والله ولكن نذكر حين جلست إليه تسأله، فجعل يأخذ نعله بيده وهي مخصوفة بحديد، ويقول نعم: قناع القدري نعم قناع القدري، فعلمت أنه يعنيك فقمت.