فعل. قال فعاد الجواب إليه بأنا قد أمرنا بحمل الدية إليك، وحمل إليه عشرة آلاف درهم، فأحضر ورثة المتوفي ودفعها إليهم.
قال التنوخي: وحدثنا أبو عبد الله المرزباني، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن شهاب عن أبي خازم القاضي بهذا الخبر.
أخبرني عليّ بن أبي عليّ المعدّل، حدثني أبي قال: حدثني القاضي أبو بكر محمّد ابن عبد الرّحمن بن أحمد بن مروان قال: حدثني مكرم بن بكر- وكان من فضلاء الرجال وعلمائهم- قال: كنت في مجلس أبي خازم القاضي، فتقدم رجل شيخ، ومعه غلام حدث، فادعى الشيخ عليه ألف دينار عينا دينا، فقال له: ما تقول؟ فأقر، فقال للشيخ: ما تشاء؟ قال: حبسه، فقال: للغلام قد سمعت، فهل لك في أن تنقده البعض وتسأله إنظارك؟ فقال لا، فقال الشيخ إن رأى القاضي أن يحبسه، قال فتفرس أبو خازم فيهما ساعة ثم قال: تلازما إلى أن أنظر بينكما في مجلس آخر قال: فقلت لأبي خازم- وكانت بيننا أنسة- لم أخر القاضي حبسه؟ فقال: ويحك إني أعرف في أكثر الأحوال في وجه الخصوم وجه المحق من المبطل، وقد صارت لي بذلك دربة لا تكاد تخطئ وقد وقع لي أن سماحة هذا بالإقرار هي عن بلية وأمر يبعد من الحق، وليس في تلازمهما بطلان حق، ولعل ينكشف لي من أمرهما ما أكون معه على وثيقة مما أحكم به بينهما، أما رأيت قلة تعاصيهما في المناظرة، وقلة اختلافهما، وسكون طباعهما، مع عظم المال، وما جرت عادة الأحداث بفرط التورع حتى يقر مثل هذا طوعا عجلا بمثل هذا المال. قال فنحن كذلك نتحدث إذ استؤذن على أبي خازم لبعض وجوه الكرخ من مياسير التجار، فأذن له فدخل فسلم وسبب لكلامه فأحسن، ثم قال: قد بليت بابن لي حدث يتقاين ويتلف كل ما يظفر به من مالي في القيان عند فلان المقين، فإذا منعته مالي احتال بحيل تضطرني إلى التزام غرم له، وإن عددت ذلك طال، وأقربه أنه قد نصب المقين اليوم ليطالبه بألف دينار عينا دينا حالا، وبلغني أنه تقدم إلى القاضي فيقر له بها فيحبس، وأقع مع أمه فيما ينغص عيشي إلى أن أزن لك عنه للمقين فإذا قبضه المقين حاسبه به من الجذور ولما سمعت بذلك بادرت إلى القاضي لأشرح له الأمر فيداويه بما يشكره الله له، فجئت فوجدتهما على الباب قال:
فحين سمع أبو خازم ذلك تبسم، وقال لي: كيف رأيت؟ قال: فقلت: لهذا ومثله فضل الله القاضي، وجعلت أدعو له، فقال: علىّ بالغلام والشيخ، فدخلا فأرهب أبو