للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلما فرغ محمّد أدنيته إليه وقلت: هذا ابن أخيك أبّان بن صدقة الكاتب، ومعه ذكاء ومعرفة الحديث، وأنا أدعوه إليك فيأبى، ويقول إننا نخالف الحديث، فأقبل عليه وقال له: يا بني ما الذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا، فسأله يومئذ عن خمسة وعشرين بابا من الحديث فجعل محمّد بن الحسن يجيبه عنها، ويخبره بما فيها من المنسوخ، ويأتي بالشواهد والدلائل، فالتفت إلىّ بعد ما خرجنا فقال: كان بيني وبين النور ستر، فارتفع عني، ما ظننت أن في ملك الله مثل هذا الرجل يظهره للناس. ولزم محمّد بن الحسن لزوما شديدا حتى تفقه به.

أخبرنا عليّ بن المحسن، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر قال: ولما خرج المأمون إلى فم الصلح بسبب بوران، أخرج معه يحيى بن أكثم، فاستخلف على الجانب الشرقي عيسى بن أبّان أحد الفقهاء من أهل العراق، وله [مسائل] (١) كثيرة، واحتجاج لمذهب أبي حنيفة، وكان خيرا فاضلا.

قلت: وكانت ولايته هذه في شهر رمضان سنة عشر ومائتين.

أخبرنا الأزهري، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ، حدّثنا عبد الله بن إسحاق المعدّل، أخبرنا الحارث بن محمّد، حدّثنا محمّد بن سعد قال: سنة إحدى عشرة ومائتين فيها عزل إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة عن قضاء البصرة، ووليه عيسى بن أبّان بن صدقة، وذلك يوم الثلاثاء لسبع ليال خلون من شهر ربيع الأول.

أخبرنا الصيمري، أخبرنا عبد الله بن محمّد الأسديّ، حدّثنا أبو بكر الدامغاني الفقيه، حدّثنا أبو جعفر الطحاوي قال: سمعت أبا خازم القاضي يقول: ما رأيت لأهل بغداد حدثا أذكى من عيسى بن أبّان، وبشر بن الوليد. وقال أبو خازم: كان عيسى رجلا سخيّا جدا، وكان يقول: والله لو أتيت برجل يفعل في ماله كفعلي في مالي لحجرت عليه. قال: وقدّم إليه رجل محمّد بن عبّاد المهلبي فادعى عليه أربعمائة دينار، فسأله عيسى عما ادعاه عليه فأقر له بذلك، فقال له الرجل احبسه لي. فقال له عيسى: أما الحبس فواجب ولكني لا أرى حبس أبي عبد الله، وأنا أقدر على فدائه من مالي، فغرمها عنه عيسى من ماله. ويحكى عن عيسى أنه كان يذهب إلى القول بخلق القرآن.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>