فما جاءا ولا بعثا بعذر … ولا كانا لحقي موجبيين
فإن تمسك ولا نعتب تمادى … جفاؤهما لأخلص مخلصين
فإن نعتب فحق غير أنا … نجل عن العتاب القاضيين
فوصلت هذه الأبيات إلى أبي عمرو وهو على شغل، فأنفذها إلى أبي الحسين وأمره بالجواب عنها، فكتب إلىّ:
تجن واظلم، فلست منتقلا … عن خالص الود أيها الظالم
ظننت بي جفوة عتبت لها … فخلت أني لحبكم صارم
حكمت بالظن والشكوك ولا … يحكم بالظن والهوى حاكم
تركت حق الوداع مطرحا … وجئت تبغي زيارة القادم
أمران لم يذهبا على فطن … وأنت بالحكم فيهما عالم
وكان هذا مقال ذي ثقة … وقلبه من جفائه سالم
أخبرنا عبد الصّمد بن محمّد بن محمّد بن نصر بن مكرم قال: قال لنا إسماعيل ابن سعيد المعدّل: كان أبو عمر القاضي يقول: ما زلت مروعا من مسألة تجيئني من السلطان حتى نشأ أبو الحسين.
أخبرني أبو الفتح عبد الرّزّاق بن محمّد عن أبي الشيخ عبد الله بن محمّد بن جعفر بن حيان الأصبهانيّ- بها- حدّثنا جدي، حدّثنا حمزة بن مسافر الخراسانيّ، حدّثنا محمّد بن محمّد بن عمر النّيسابوريّ قال: كتب عليّ بن عيسى إلى بعض إخوانه في بعض نكباته:
إن آن أن نلتقي درينا … من منّ من أهلنا علينا
قال: فوجه إليه أبو الحسين بن أبي عمر بمال ورقعة، وكتب إليه:
وترك مواساتي أخلاي في الذي … تنال يدي ظلم لهم وعقوق
وإني لأستحيي من الله أن أرى … بعين اتساع والصديق مضيق
أخبرني عليّ بن أبي عليّ، حدّثنا أبو عليّ محمّد بن الحسن بن المظفّر الحاتمي، حدّثنا أبو عمر محمّد بن عبد الواحد الزاهد قال: دخلت على أبي الحسين بن أبي عمر القاضي معزيا له عن أبيه، فلما وقع طرفي عليه قلت:
وما مات من تبقى له بعد موته … ولا غاب من أمسي له منك شاهد
قال: فكتبه في الوقت ولم يشغله الحال!