بملتفتيه للمشيب طوالع … ذوائد عن ورد التّصابى روادع
تصرّفنه طوع العنان وربّما … دعاه الصّبا فاقتاده وهو طائع
ومن لم يزعه لبّه وحياؤه … فليس له من شيب فوديه وازع
هل النّافر المدعوّ للحظّ راجع … أم النّصح مقبول أم الوعظ نافع؟
أم الهمك المهموم بالجمع عالم … بأنّ الذي يرعى من المال ضائع؟
وأنّ قصاراه على فرط ضنّه … فراق الذي أضحى له وهو جامع
ويخمل ذكر المرء ذي المال بعده … ولكنّ جمع العلم للمرء رافع
ألم تر آثار ابن إدريس بعده … دلائلها في المشكلات لوامع
معالم يفنى الدهر وهي خوالد … وتنخفض الأعلام وهي فوارع
مناهج فيها للهدى متصرّف … موارد فيها للرشاد شرائع
ظواهرها حكم ومستنبطاتها … لما حكم التّفريق فيه جوامع
لرأي ابن إدريس ابن عمّ محمد … ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع
إذا المعضلات المشكلات تشابهت … سما منه نور في دجاهنّ لامع
أبى الله إلا رفعه وعلوّه … وليس لما يعليه ذو العرش واضع
توخّى الهدى فاستنقذته يد التّقى … من الزّيغ إنّ الزّيغ للمرء صارع
ولاذ بآثار الرسول فحكمه … لحكم رسول الله في النّاس تابع
وعوّل في أحكامه وقضائه … على ما قضى في الوحي والحقّ ناصع
بطيء عن الرأي المخوف التباسه … إليه إذا لم يخش لبسا مسارع
جرت لبحور العلم أمداد فكره … لها مدد في العالمين يتابع
وأنشا له منشيه من خير معدن … خلائق هنّ الباهرات البوارع
تسربل بالتقوى وليدا وناشئا … وخصّ بلبّ الكهل مذ هو يافع
وهذّب حتى لم تشر بفضيلة … إذا التمست إلا إليه الأصابع
فمن يك علم الشافعي إمامه … فمرتعه في باحة العلم واسع
سلام على قبر تضمّن جسمه … وجادت عليه المدجنات الهوامع
لقد غيّبت أثراؤه جسم ماجد … جليل إذا التفت عليه المجامع
لئن فجعتنا الحادثات بشخصه … لهنّ لما حكّمن فيه فواجع
فأحكامه فينا بدور زواهر … وآثاره فينا نجوم طوالع (١)
(١) - انظر: تهذيب الكمال ٢٤/ ٣٧٧، ٣٧٨.