قال: قال الكسائي: صليت بهارون الرّشيد فأعجبتني قراءتي، فغلطت في آية ما أخطأ فيها صبي قط أردت أن أقول: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [آل عمران ٧٢] فقلت: لعلهم ترجعين! قال: فو الله ما اجترأ هارون أن يقول لي أخطأت، ولكنه لما سلمت قال لي: يا كسائي أي لغة هذه؟ قلت: يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواد، فقال: أما هذا فنعم! أخبرني العتيقي، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا جعفر بن محمّد الصندلي، أخبرنا أبو بكر بن حمّاد عن خلف قال: كان الكسائي إذا كان شعبان وضع له منبر، فقرأ هو على الناس في كل يوم نصف سبع يختم ختمتين في شعبان، وكنت أجلس أسفل المنبر، فقرأ يوما في سورة الكهف: ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ﴾ [الكهف ٣٤] فنصب أكثر، فعلمت أنه قد وقع فيه، فلما فرغ أقبل الناس يسألون عن العلة في أكثر لم نصبه؟ فثرت في وجوههم أنه أراد في فتحه أقل: ﴿إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا﴾ [الكهف ٣٩] فقال الكسائي: أكثر فمحوه من كتبهم ثم قال لي: يا خلف يكون أحد من بعدي يسلم من اللحن؟ قال: قلت لا، أما إذا لم تسلم أنت فليس يسلم أحد بعدك، قرأت القرآن صغيرا، وأقرأت الناس كبيرا وطلبت الآثار فيه والنحو.
أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ، أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن الحسن، حدثني ابن فرح قال: سمعت سلمة يقول: سمعت الفراء يقول: سمعت الكسائي يقول: ربما سبقني لساني باللحن فلا يمكنني أن أرده، أو كلاما نحو هذا.
حدّثنا عليّ بن أحمد بن عمر المقرئ قال: سمعت أبا بكر عمر بن محمّد الإسكافي يقول: سمعت عمي يقول: سمعت ابن الدورقي يقول: اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيدي، فحضرت صلاة، يجهر فيها، فقدموا الكسائي يصلي، فأرتج عليه في قراءة: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾ فلما أن سلم قال اليزيدي: قارئ أهل الكوفة يرتج عليه في ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ﴾؟ فحضرت صلاة يجهر فيها، فقدموا اليزيدي، فأرتج عليه في سورة الحمد، فلما أن سلم قال:
احفظ لسانك لا تقول فتبتلى … إن البلاء موكل بالمنطق
أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهريّ وعلي بن المحسن التنوخي قالا: حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا الصولي، أخبرنا الحزنبل، حدّثنا سلمة بن عاصم، حدثني الفراء قال: