الزعفراني، وحميد بن الربيع وعمر بن شبة. روى عنه ابنه عيسى، وسليمان بن أحمد الطبراني، والقاضي أبو طاهر محمّد بن أحمد بن عبد الله بن بجير الذهلي. وكان صدوقا دينا فاضلا عفيفا في ولايته، محمودا في وزارته. كان كثير البر والمعروف، وقراءة القرآن، والصلاة والصيام، يحب أهل العلم. ويكثر مجالستهم ومذاكرتهم.
وأصله من الفرس، وكان داود جده من دير قنيّ وكان من وجوه الكتاب، وكذلك أبوه عيسى، ولم يزل عليّ بن عيسى من حداثته معروفا بالستر والصيانة، والصلاح والديانة.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن عليّ الجوهريّ، حدّثنا عيسى بن عليّ بن عيسى الوزير- إملاء- حدثني أبي عليّ بن عيسى، حدّثنا أحمد بن بديل، حدّثنا ابن فضيل، أخبرنا عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما رأيت قوما خيرا من أصحاب رسول الله ﷺ، ما سألوه إلا بضعة عشر مسألة حتى قبض، كلهن من القرآن، فمنهن: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ﴾ [البقرة ٢١٧]، ﴿ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ [البقرة ٢١٩] ﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى﴾ [البقرة ٢٢٠] ﴿ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ [البقرة ٢٢٢] ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم.
أخبرنا عليّ بن المحسن التنوخي، حدّثنا أبي، حدثني القاضي أبو بكر محمّد بن عبد الرّحمن- المعروف بابن قريعة- وأبو محمّد عبد الله بن محمّد بن داسة البصريّ قالا: حدّثنا أبو سهل بن زياد القطّان- صاحب عليّ بن عيسى- قال: كنت مع عليّ ابن عيسى لما نفي إلى مكة، فدخلنا في حر شديد، وقد كدنا نتلف، قال: فطاف عليّ ابن عيسى وسعى وجاء، فألقى نفسه، وهو كالميت من الحر، والتعب، وقلق قلقا شديدا. وقال: أشتهي على الله شربة ماء مثلوج، فقلت له: سيدنا- أيده الله- يعلم أن هذا مما لا يوجد بهذا المكان. فقال: هو كما قلت، ولكن نفسي ضاقت عن غير هذا القول، فاستروحت إلى المنى، قال: وخرجت من عنده فرجعت إلى المسجد الحرام، فما استقررت فيه حتى نشأت سحابة وكثفت، فبرقت ورعدت رعدا متصلا شديدا، ثم جاءت بمطر يسير، وبرد كثير، فبادرت إلى الغلمان، فقلت: اجمعوا، قال: فجمعنا منه شيئا عظيما، وملأنا منه جرارا كثيرة، وجمع أهل مكة منه شيئا عظيما، قال:
وكان عليّ بن عيسى صائما، فلما كان وقت المغرب خرج إلى المسجد الحرام ليصلي المغرب، فقلت له: أنت والله مقبل والنكبة زائلة، وهذه علامات الإقبال، فاشرب الثلج