ذلك القبيط، فاشترى منه وجعله في كمه فوق كتاب المسألة ولم يشعر، فجاء إلى معاذ بن معاذ فأخرج كتاب المسألة ليدفعه إلى معاذ وذلك القبيط قد اختلط بذلك الكتاب، قال: فضحك وقال من يلومني على عفّان.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا حنبل بن إسحاق. قال: حضرت أبا عبد الله أحمد ويحيى بن معين عند عفّان بعد ما دعاه إسحاق بن إبراهيم للمحنة- وكان أول من امتحن من الناس عفّان- فسأله يحيى بن معين من الغد بعد ما امتحن- وأبو عبد الله حاضر ونحن معه- فقال له يحيى: يا أبا عثمان أخبرنا بما قال لك إسحاق بن إبراهيم وما رددت عليه. فقال عفّان ليحيى: يا أبا زكريا لم أسود وجهك ولا وجوه أصحابك- يعني بذلك أني لم أجب- فقال له:
فكيف كان؟ قال: دعاني إسحاق بن إبراهيم، فلما دخلت عليه قرأ على الكتاب الذي كتب به المأمون، من أرض الجزيرة من الرقة، فإذا فيه امتحن عفّان وادعه إلى أن يقول القرآن كذا وكذا، فان قال ذلك فأقره على أمره، وإن لم يجبك إلى ما كتبت به إليك فاقطع عنه الذي يجري عليه- وكان المأمون يجري على عفّان خمسمائة درهم كل شهر- قال عفّان: فلما قرأ الكتاب قال لي إسحاق بن إبراهيم ما تقول؟ قال عفّان: فقرأت عليه: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ [الإخلاص ١، ٢] حتى ختمتها.
فقلت مخلوق هذا؟ فقال لي إسحاق بن إبراهيم: يا شيخ إن أمير المؤمنين يقول إنك إن لم تجبه إلى الذي يدعوك إليه يقطع عنك ما يجرى عليك، وإن قطع عنك أمير المؤمنين قطعنا عنك نحن أيضا. فقلت له: يقول الله تعالى: ﴿وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات ٢٢] قال: فسكت عني إسحاق وانصرفت، فسر بذلك أبو عبد الله ويحيى ومن حضر من أصحابنا.
أخبرنا أبو منصور محمّد بن عيسى بن عبد العزيز البزّار- بهمذان- حدّثنا أبو الفضل صالح بن أحمد التّميميّ الحافظ قال سمعت القاسم بن أبي صالح يقول سمعت إبراهيم- يعني ابن الحسين بن ديزيل- يقول: لما دعى عفّان للمحنة كنت آخذا بلجام حماره. فلما حضر عرض عليه القول فامتنع أن يجيب، فقيل له يحبس عطاؤك- قال وكان يعطي في كل شهر ألف درهم- فقال: ﴿وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات ٢٢] قال: فلما رجع إلى داره عذلوه نساؤه ومن في داره- قال: وكان في داره نحو أربعين إنسانا- قال فدق عليه داق الباب، فدخل عليه رجل