الهاشميّ قال: حدثني محمّد بن سلام قال: حدثني الفضل بن الربيع قال: كان أبي يأمرني بملازمة عمارة بن حمزة، قال فاعتل عمارة- وكان المهديّ سيئ الرأي فيه- فقال له أبي يوما: يا أمير المؤمنين، مولاك عمارة عليل، وقد أفضى إلى بيع فرشه وكسوته، فقال: غفلت عنه يوما وما كنت أظن بلغ هذه الحال، احمل إليه خمسمائة ألف درهم يا ربيع، وأعلمه أن له عندي بعدها ما يحب. قال فحملها إلىّ من ساعته، وقال لي اذهب بها إلى عمك. وقل له أخوك يقرئك السلام ويقول: أذكرت أمير المؤمنين أمرك، فاعتذر من غفلته عنك، وأمر لك بهذه الدراهم، وقال لك عندي بعدها ما تحب قال: فأتيته ووجهه إلى الحائط، فسلمت فقال لي من أنت؟ فقلت ابن أخيك الفضل بن الربيع، فقال مرحبا بك. فأبلغته الرسالة فقال: قدكان طال لزومك لنا، وقد كنا نحب أن نكافيك على ذلك ولم يمكنا قبل هذا الوقت انصرف بها فهي لك. قال: فهبته أن أرد عليه، فتركت البغال على بابه، وانصرفت إلى أبي فأعلمته الخبر، فقال لي: يا بني خذها بارك الله لك، عمارة ليس ممن يرادّ، فكان أول مال ملكته.
أخبرني الأزهري، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران، حدّثنا محمّد بن يحيى النديم، حدّثنا محمّد بن العبّاس عن أبيه عن الأصمعي قال: قال الفضل بن يحيى:
حل على أبي من مال الأهواز للرشيد ثلاثة آلاف ألف درهم فأرسل إليه: إن أنت حملت ما وجب عليك- وهو ثلاثة آلاف ألف درهم- في يومنا هذا وقت العصر، وإلا أنفذت إليك من يجيئني برأسك. قال: فقال لي: يا بني قد ترى ما نحن فيه والله ما عند أبيك عشرها، وإن لم أحملها فقد طل دم أبيك، فامض إلى عمارة بن حمزة، فسله أن يقرضنا ذلك بعد أن تحدثه الحديث، فإن فعل وإلا فليس غير القتل. قال فمضيت إليه، فسمع كلامي وأعرض عني ولم يجبني، فانصرفت من بين يديه فلم أصل إلى منزلي إلا وقد سبقني المال، فلما كان بعد ذلك وتحصل المال قال لي أبي امض إلى هذا الكريم واحمل المال بين يديك، واشكره على فعله، قال: فحملته ومضيت إليه فشكرته، وسألته أن يأمر بقبض المال، فقال لي كالمغضب: أتظن كنت قسطارا لأبيك؟. اذهب فهو لك. قال فذهبت به إلى أبي وعرفته ما جرى، فقال لي: يا بني والله ما تسمح نفسي لك بذلك، ولكن خذ ألف ألف درهم، واترك ألفي ألف درهم.