أخبرنا عليّ بن المحسن، حدّثنا أبي المحسن بن عليّ القاضي، حدّثنا قاضي القضاة أبو السائب عتبة بن عبيد الله بن موسى- من حفظه مذاكرة في مجلسه ببغداد- حدّثنا أبو عثمان سعيد بن جابر الأبهري، حدّثنا عليّ بن نصر الجهضمي، حدّثنا محمّد بن يزيد بن خنيس العابد قال دخلت مع سعيد بن حسّان على سفيان الثوري نعوده فقال: كيف الحديث الذي حدثتني به؟ فقلت: حدثتني أم صالح قالت حدثتني صفية بنت شيبة قالت: حدثتني أم حبيبة زوج النبي ﷺ قالت: قال رسول الله ﷺ: «كل كلام ابن آدم عليه إلا أمرا بمعروف، أو نهيا عن منكر، أو الصلح بين الناس»(١)
قال:
فقال: ما أعجب هذا الحديث، امرأة عن امرأة عن امرأة عن النبي ﷺ قال: قلت وما يعجبك من ذلك وهو في كتاب الله موجود؟ قال الله تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ، أَوْ مَعْرُوفٍ، أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء ١١٤] وقال: ﴿وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر ١ - ٣].
أخبرنا عثمان بن محمّد بن يوسف العلاف، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم الشّافعيّ، حدّثنا محمّد بن سليمان، حدّثنا محمّد بن خنيس قال: حدّثنا سفيان الثوري- في دار ابن الجزار، وأومأ إلى دار العطارين- وإنما دخلنا على سفيان نعوده فدخل عليه سعيد بن حسّان المخزوميّ، فقال له سفيان: الحديث الذي حدثتنيه عن أم صالح وساق معنى ما تقدم.
أخبرنا عليّ بن المحسن، أخبرنا طلحة بن محمّد بن طلحة بن جعفر، أخبرني قاضي القضاة أبو السائب قال: حدثني عبد الرّحمن بن أبي حاتم الرّازي قال: اعتل أبو زرعة الرّازي فمضيت مع أبي لعيادته، فسأله أبي عن سبب هذه العلة فقال: بت وأنا في عافية، فوقع في نفسي أني إذا أصبحت أخرجت من الحديث ما أخطأ فيه سفيان الثوري، فلما أصبحت خرجت إلى الصّلاة وفي دربنا كلب ما نبحني قط، ولا رأيته عدا على أحد، فعدا علىّ وعقرني، وحممت، فوقع في نفسي أن هذا عقوبة لما وضعت في نفسي، فأضربت عن ذلك الرأي.
قال طلحة: وأخبرني قاضي القضاة- يعني أبا السائب أيضا- أنه سمع ابن أبي
(١) ٦٧٦٥ - انظر الحديث في: سنن الترمذي ٢٤١٢. والدر المنثور ٣/ ٥٣٨. وعمل اليوم والليلة لابن السنى ٥. ومشكاة المصابيح ٢٢٧٥.