إن رمى بي الأمير أصلحه الله … رماحا صدمت حد الرماح
لست بالضخم يا أمير ولا الفد … م ولا بالمجحدر الدحداح
لحية سبطة ووجه جميل … واتقاد كشعلة المصباح
وظريف الحديث من كل لون … وبصير بحاليات ملاح
كم وكم قد خبأت عندي حديثا … هو عند الملوك كالتفاح
أيمن الناس طائرا يوم صيد … في غدو خرجت أم في رواح
أبصر الناس بالجوارح والخي … ل وبالخرد الحسان الملاح
كل هذا جمعت والحمد لله … على أنني ظريف المزاح
لست بالناسك المشمر ثوبي … هـ ولا الماجن الخليع الوقاح
إن دعاني الأمير عاين مني … شمريا كالجلجل الصياح
فقال له الفضل:
كاتب، حاسب، خطيب أديب … ناصح، زائد على النصاح
قال: نعم أصلح الله الأمير. فقال الفضل: يا غلام الكتب التي وردت من فارس فأتت بها، فقال للفتى خذها فاقرأها واجب عنها. فجلس بين يدي الفضل يكتب فقال له الحاجب اعتزل يكون أذهن لك، فقال هاهنا الرأي أجمع بحيث الرغبة والرهبة، فلما فرغ من الكتب عرضها على الفضل، فكأنما شق عن قلبه. فقال الفضل: يا غلام بدرة، بدرة، بدرة. فقال الفتى للغلام أعز الله الأمير دنانير أو دراهم؟ قال دنانير يا غلام. فلما وضعت البدرة بين يديه قال الفضل: احملها بارك الله لك فيها، قال الفتى والله أيها الأمير ما أنا بحمال وما للحمل خلقت، فإن رأى الأمير أن يأمر بعض غلمانه بحملها على أن الغلام لي، فأشار الفضل إلى بعض الغلمان فأشار الفتى إليه مكانك، فقال: إن رأى الأمير أيده الله أن يجعل الخيار إلى في الغلمان كما فعل بين البدرتين فعل، فقال اختر! فاختار أجملهم غلاما فقال احمل فلما صارت البدرة على منكب الغلام بكى الفتى فاستفظع الفضل ذلك وقال ويلك استقلالا؟ قال لا والله أيدك الله، ولقد أكثرت، ولكن أسفا أن الأرض توارى مثلك! قال الفضل: هذا أجود من الأول. يا غلام زده كسوة وحملانا. قال العتابي: فلقد كنت أرى ركاب الفتى تحت ركاب الفضل.