فاستحسن ما حكاه من وصف الشراب واللهو والغزل، وسماه يومئذ صريع الغواني بآخر بيت منها وهو:
هل العيش إلا أن تروح مع الصبا … وتغدو صريع الكأس والأعين النجل
أخبرنا التنوخي، أخبرنا محمّد بن عبد الرحيم المازني، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباريّ، حدّثنا أبو الحسن بن البراء عن شيخ له قال: قال مسلم بن الوليد ثلاثة أبيات، تناهى فيها وزاد على كل الشعراء، أمدح بيت، وأرثى بيت، وأهجى بيت، فأما المديح فقوله:
تجود بالنفس إذ ضن البخيل بها … والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وأما المرثية فقوله:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه … فطيب تراب القبر دل على القبر
وأما الهجاء فقوله:
قبحت مناظره فحين خبرته … حسنت مناظره لقبح المخبر
أخبرنا القاضي أبو الحسين محمّد بن علي بن محمّد بن عبيد الله الهاشميّ، أخبرنا محمّد بن الحسن بن الفضل بن المأمون، حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباريّ، حدثني أبي قال: قال أبو الحسن بن حدان، قال سليمان بن يحيى بن معاذ عن أبيه:
لما ظهر الشيب بالمأمون كان يتمثل بهذا البيت من شعر مسلم بن الوليد:
أكره شيبي، وأخشى أن يزايلني … أعجب بشيء على البغضاء مودود
قال أبو الحسن بن حدان: فحدثت به أبا تمام، فقال: أتعرف بقية الشعر؟ قلت:
لا! فأنشدني:
نام العواذل واستكفين لائمتي … وقد كفاهن نهض البيض في السود
أما الشباب فمفقود له خلف … والشيب يذهب مفقودا بمفقود
قال أبو الحسن بن حدان: سمعت أبا تمام الطائي يقول- بخراسان- أشعر الناس وأسهبهم كلاما بعد الطبقة الأولى بشار، والسيد [الحميري]، وأبو نواس، ومسلم بن