الأولى من سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وأمه أم ولد رومية تسمى ظلوم أدركت خلافته. ومولده في رجب سنة سبع وتسعين ومائتين، وتوفى ليلة السبت لست عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. ودفن ليلة الأحد في الرصافة، وكانت خلافته ست سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام. وتوفي وهو ابن إحدى وثلاثين سنة وثمانية أشهر. وكان قصير القامة، نحيف الجسم، أسمر رقيق السمرة، دري اللون، أسود الشعر سبطه، في وجهه طول، وفي مقدم لحيته تمام، وفي شعرها رقة. هكذا رأيته.
قال لنا الحسن بن أبي بكر: كانت مدة خلافة الراضي ست سنين وعشرة أشهر، ومات بمدينة السلام.
قال وحدّثني أبي قال: صليت الجمعة وراء الراضي فسمعته يقرأ: «بل تؤثرون الحياة الدّنيا» بالإدغام.
قال الشيخ أبو بكر كان للراضي فضائل كثيرة، وختم الخلفاء في أمور عدة، فمنها أنه آخر خليفة له شعر مدوّن، وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش والأموال، وآخر خليفة خطب على منبر يوم جمعة، وآخر خليفة جالس الجلساء ووصل إليه الندماء، وآخر خليفة كانت نفقته وجوائزه وعطاياه وجراياته وخزائنه ومطابخه ومجالسه وخدمه وحجابه وأموره، كل ذلك يجري على ترتيب المتقدمين من الخلفاء.
أخبرنا أبو الحسن العبّاس بن عمر بن العبّاس الكلوذاني قال سمعت أبا بكر محمّد ابن يحيى الصولي يقول سمعت أمير المؤمنين الراضي بالله يقول: لله أقوام هم مفاتيح الخير، وأقوام مفاتيح الشر، من أراد: به خيرا قصد به أهل الخير وجعله الوسيلة إلينا فنقضي حاجته، فهو الشريك في الثواب والشكر، ومن أراد الله بن سوءا عدل به إلى غيرنا فهو الشريك في الوزر والإثم. والله المستعان على كل حال.
أخبرنا عليّ بن المحسن التّنوخيّ، عن أبيه قال سمعت أبا بكر محمّد بن يحيى الصولي يحكي أنه دخل إلى الراضي وهو يبني شيئا، أو يهدم شيئا، فأنشده أبياتا، وكان الراضي جالسا على آجرّة حيال الصنّاع قال: وكنت أنا وجماعة من الجلساء فأمرنا بالجلوس بحضرته، فأخذ كل واحد منا آجرة فجلس عليها، واتفق أني أخذت آجرتين ملتزقتين بشيء من إسفيداج فجلست عليهما، فلما قمنا أمر أن توزن آجرة كل واحد ويدفع إليه بوزنه دراهم أو دنانير- قال: أتى الشك مني- قال: فتضاعفت جائزتي على جوائز الحاضرين بتضاعف وزن آجرتى علي آجرهم.