للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صفتها التي في نفسه، ثم أحضر الفعلة والصّنّاع من النجارين والحفّارين والحدّادين وغيرهم، فأجرى عليهم الأرزاق؛ وكتب إلى كل بلد في حمل من فيه ممن يفهم شيئا من أمر البناء، ولم يبتدئ في البناء حتى تكامل بحضرته من أهل المهن والصناعات ألوف كثيرة، ثم اختطها وجعلها مدوّرة. ويقال: لا يعرف في أقطار الدّنيا كلها مدينة مدورة سواها، ووضع أساسها في وقت اختاره له نوبخت المنجّم (١).

أخبرنا محمّد بن على الورّاق وأحمد بن على المحتسب قالا: أنبأنا محمّد بن جعفر النّحويّ قال نبأنا الحسن بن محمّد السكوني قال قال محمّد بن خلف أنبأني محمّد بن موسى القيسي عن محمّد بن موسى الخوارزميّ الحاسب: أن أبا جعفر تحول من الهاشميّة إلى بغداد، وأمر ببنائها ثم رجع إلى الكوفة بعد مائة سنة وأربع وأربعين سنة وأربعة أشهر وخمسة أيام من الهجرة. قال: وفرغ أبو جعفر من بنائها ونزلها مع جنده وسماها مدينة السّلام بعد مائة سنة وخمس وأربعين سنة وأربعة أشهر وثمانية أيام من الهجرة.

قال محمّد بن خلف قال الخوارزميّ: واستتم حائط بغداد وجميع عملها بعد مائة سنة وثمان وأربعين سنة وستة أشهر وأربعة أيام من الهجرة.

أخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان قال أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النّحويّ قال نبأنا يعقوب بن سفيان قال: سنة ست وأربعين ومائة، فيها فرغ أبو جعفر من بناء مدينة السّلام ونزوله إياها، ونقل الخزائن وبيوت الأموال والدواوين إليها (٢).

أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال أنبأنا أحمد (٣) بن إبراهيم بن الحسن قال نبأنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمّد بن عرفة الأزديّ قال: حكى عن بعض المنجمين قال: قال لي المنصور- لما فرغ من مدينة السّلام: خذ الطالع. فنظرت في طالعها وكان المشتري في القوس، فأخبرته بما تدل عليه النجوم من طول زمانها وكثرة عمارتها وانصباب الدّنيا إليها، وفقر الناس إلى ما فيها، ثم قلت له: وأبشّرك يا أمير المؤمنين أكرمك الله بخلة أخرى من دلائل النجوم، لا يموت فيها خليفة من الخلفاء أبدا: فرأيته تبسم لذلك


(١) انظر الخبر في: المنتظم ٨/ ٧٤.
(٢) انظر في الخبر: تاريخ الفسوي ق ٦.
(٣) في مطبوعة باريس: «محمد بن إبراهيم بن الحسن».

<<  <  ج: ص:  >  >>