أنصبت نفسك للثناء فحزته … إن الثناء عدو من لم ينصب
وإذا الكلام تطاردت فرسانه … وتحامت الأقران كل مجرب
ألفيته من لبه وجنانه … ولسانه وبيانه في مقنب
ذو مجلس فلك تضيء بروجه … عن كل أزهر كالصباح الأشهب
متوقد إلّا لديك ضياؤه … والشمس تمنع من ضياء الكوكب
يا سيدا زرع القلوب مهابة … تسقى بماء محبة لم تنضب
آنستني، فأنست منك بشيمة … بيضاء تأنف بالثناء الأطيب
فعجزت في وصفيك، غير مقصر … ونطقت في مدحيك، غير مكذب
فاسلم- سلمت من الزمان وصرفه … فلأنت أمرع من ربيع المخصب
فإذا سلمت لنا فأية نعمة … لم نعطها؟ وبلية لم تسلب؟
حدّثني عليّ بن أبي علي المعدّل قال: مات القاضي أبو بكر محمّد بن الطّيّب في يوم السبت لسبع بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة.
قلت: وصلى عليه ابنه الحسن ودفنه في داره بدرب المجوس من نهر طابق ثم انتقل بعد ذلك فدفن في مقبرة باب حرب.
أنشدني أبو نصر عبد السيد بن محمّد بن عبد الواحد الفقيه لبعضهم يرثي القاضي أبا بكر محمّد بن الطّيّب:
انظر إلى جبل تمشي الرجال به … وانظر إلى القبر ما يحوي من الصلف
انظر إلى صارم الإسلام منغمدا … وانظر إلى درة الإسلام في الصدف
حدّثني أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن عليّ المقري قال: مضيت أنا وأبو عليّ بن شاذان وأبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصّيرفيّ إلى قبر القاضي أبي بكر الأشعريّ لنترحم عليه، وذلك بعد موته بشهر، فرفعت مصحفا كان موضوعا على قبره وقلت: اللهم بين لي في هذا المصحف حال القاضي أبي بكر وما الذي آل إليه أمره، ثم فتحت المصحف فوجدت مكتوبا فيه: ﴿يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ﴾ [هود ٢٨].