للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالكرخ وأمر ببنائها من ماله على يدي الرّبيع مولاه، وفيها وسع طرق المدينة وأرباضها ووضعها على مقدار أربعين ذراعا، وأمر بهدم ما شاع من الدور عن ذلك القدر (١).

أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال أنبأنا محمّد بن إبراهيم بن الحسن قال نا إبراهيم ابن الحسن قال نا إبراهيم بن محمّد بن عرفة الأزديّ. قال: فلما دخلت سنة سبع وخمسين، وكان أبو جعفر قد ولّى الحسبة يحيى بن زكريّا، فاستغوى العامة، وزيّن لهم الجموح فقتله أبو جعفر بباب الذهب، وحول أسواق المدينة إلى باب الكرخ وباب الشعير وباب المحوّل، وأمر ببناء الأسواق على يد الرّبيع، وأوسع الطرق بمدينة السّلام وجعلها على أربعين ذراعا وأمر بهدم ما شخص من الدور عن ذلك المقدار.

وفي سنة ثمان وخمسين بنى المنصور قصره على دجلة وسماه الخلد (٢).

أخبرنا محمّد بن على الورّاق وأحمد بن على المحتسب. قالا: نا محمّد بن جعفر النّحويّ قال نبأنا الحسن بن محمّد السكوني قال قال محمّد بن خلف قال الخوارزميّ- يعني محمّد بن موسى: وحول أبو جعفر الأسواق إلى الكرخ وبناها من ماله بعد مائة سنة وستّ وخمسين سنة وخمسة أشهر وعشرين يوما؛ ثم بدأ بعد ذلك في بناء قصر الخلد على شاطئ دجلة بعد شهر وأحد عشر يوما.

قال محمّد بن خلف: وأخبرني الحارث بن أبي أسامة قال: لما فرغ أبو جعفر المنصور من مدينة السّلام، وصيّر الأسواق في طاقات مدينته من كل جانب؛ قدم عليه وفد ملك الروم، فأمر أن يطاف بهم في المدينة ثم دعاهم. فقال للبطريق: كيف رأيت في هذه المدينة؟ قال: رأيت أمرها كاملا إلا في خلة واحدة. قال: ما هي؟ قال:

عدوك يخترقها متى يشاء وأنت لا تعلم؛ وأخبارك مبثوثة في الآفاق لا يمكنك سترها.

قال: كيف؟ قال: الأسواق غير ممنوع منها أحد فيدخل العدو كأنه يريد أن يتسوّق؛ وأما التجار فإنها ترد الآفاق فيتحدّثون بأخبارك، قال: فزعموا أنه أمر المنصور حينئذ بإخراج الأسواق من المدينة إلى الكرخ، وأن يبنى ما بين الصراة إلى نهر عيسى، وولى ذلك محمّد بن حبيش الكاتب، ودعا المنصور بثوب واسع فحدّ فيه الأسواق، ورتب كل صنف منها في موضعه. وقال: اجعلوا سوق القصّابين في آخر الأسواق؛ فإنهم


(١) انظر الخبر في: المنتظم ١/ ١٩٣. وتاريخ الفسوي ق ١٠.
(٢) انظر الخبر في: المنتظم ٨/ ١٩٣، ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>