من صنوبر على النيل فنسوا قطعه فعبر عليه الناس وأحدقوا بهم.
فتحصنوا بقرية تهيه أبي عبد الله.
وأخذ أصطول المسلمين أصطولهم أجمع وقتل منهم خلق.
فطلب الافرنسيس الطواشي رشيد الدين القيمري فأتوه.
فكلمهم في الأمان على نفسه وعلى من معه.
فعقدا له الأمان وانهزم جل الفرنج على حمية.
فحمل عليهم المسلمون ووضعوا فيهم السيف.
وغنم الناس ما لا يحد ولا يوصف.
وأركب الفرنسيس وطلبه في حراقة والمراكب الإسلامية محدقة به تخفق بالكوسات والطبول وفي البر الشرقي الجيش سائر تحت ألوية النصر وفي البر الغربي العربان والعوام.
وكانت ساعة عجيبة واعتقل الفرنسيس بالمنصورة وذلك في أول يوم من المحرم.
قال سعد الدين ابن حمويه: كانت الأسرى نيفًا وعشرين ألفًا فيهم ملوك وكنود.
وكانت القتلى سبعة آلاف.
واستشهد نحو مائة نفس.
وخلع الملك المعظم على الكبار من الفرنج خمسين خلعة فامتنع الكلب الفرنسيس من لبسها وقال: أنا مملكتي تقدر بمملكة صاحب مصر كيف ألبس خلعته.
ثم بدت من المعظم خفة وطيش وأمور خرج بسببها عليه مماليك أبيه وقتلوه وقدموا على العسكر عز الدين أيبك التركماني الصالحي وساقوا إلى القاهرة بعد أن استردوا دمياط.
وذلك أن حسام الدين بن أبي علي أطلق الفرنسيس على أن يسلم دمياط وعلى بذل خمس مائة ألف دينار للمسلمين.
فأركب بغلة وساق معه الجيش إلى دمياط فما وصلوا إلا وأوائل المسلمين قد ركبوا أسوارها.
فاصفر لون الفرنسيس.
فقال حسام الدين: هذه دمياط قد ملكناها.
والرأي أن لا نطلق هذا لأنه قد اطلع على عورتنا.
فقال عز الدين أيبك: لا أرى الغدر.
وأطلقه.
وأما دمشق فقصدها الملك الناصر صاحب حلب واستولى عليها في ربيع الآخر ثم بعد أشهر قصد الديار المصرية ليملكها.
فالتقى هو والمصريون في ذي القعدة بالعباسية.
فانهزم المصريون
ودخل أوائل الشاميين القاهرة.
وخطب بها للناصر.
فالتف على عز الدين أيبك والفارس أقطايا نحو ثلاث مائة من الصالحية