وفي صفر الزيادة العظمى في بعلبك، فغرق في البلد مئة وبضعة وأربعين نسمة، ثم تدكدك بعد مكانه بمسيرة نحو من خمسمائة ذراع، فكان ذلك آية بينة. وتهدم من البيوت والحوانيت؛ نحو ستمائة موضع. وفيها قدم السلطان إلى غزة وإلى الكرك ثم رجع.
وفيها ظهر جبليٌ ادعى أنه المهدي بحبلة، وثار معه خلقٌ من النصيرية والجهلة فقال: أنا محمد المصطفى. ومرة قال: أنا عليٌ. وتارة قال: أنا محمد بن الحسن المنتظر. وزعم أن الناس كفرة، وأن دين النصيرية هو الحق. وأن الناصر صاحب مصر قد مات. وعاثوا بالساحل واستباحوا جبلة، ورفعوا أصواتهم بقول: لا إله إلا علي، ولا حجاب إلا محمد، ولا باب إلا سلمان. ولعنوا الشيخين، وخربوا المساجد، وكانوا يحضرون المسلم إلى طاغيتهم ويقولون: اسجد لإلهك. فسار إليهم عسكر طرابلس وقتل الطاغية وجماعة وتمزقوا.
وفيها أعيدت إمرة العرب إلى مهنا. وفي أول جمادى الأولى جلس على تخت الملك السلطان أبو سعيد بن خربندا بالسلطانية، وهو ابن إحدى عشرة سنة.
وفيه سار السلطان الملك الناصر إلى القدس، وزار الخليل عليه السلام، ودخل الكرك وتصيد، ثم رجع.
ومات المحدث الإمام الشيخ علي بن محمد الجبني الصوفي في المحرم عن سبع وأربعين سنة. روى عن الفخر علي، وتاج الدين الفزاري. وكان ديناً، تقياً، كثير المحاسن.
وقتل وزير التتار ومدبر دولتهم رشيد الدولة فضل الله بن أبي الخير الهمذاني الطبيب، كان أبوه يهودياً عطاراً، فاشتغل هذا في المنطق والفلسفة