وفيها توفي السلطان الكبير، عضد الدولة أبو شجاع، محمد ألب أرسلان، ابن الملك جغرايبك، وهو داود بن ميكائيل بن سلجوق بن نفاق بن سلجوق - ونفاق بالتركي: قوس حديد - ونفاق أول من دخل في دين الإسلام، وألب أرسلان، أوَّل من قيل له السلطان على منابر بغداد، وكان في أواخر دولته من أعدل الناس، ومن أحسنهم سيرة، وأرغبهم في الجهاد، وفي نصر الإسلام، لم عبر بهم جيحون، في صفر، ومعه نحو مئتي ألف فارس، وقصد تكين بن طمغاخ، فأتى بمتولّي قلعة، اسمه يوسف الخوارزمي، فأمر بأن يشبح بأربعة أوتاد، فقال: يا مخنّث، مثلي يقتل هكذا؟ فغضب السلطان، فأخذ القوس والنشّاب وقال: خلّوه، ورماه فأخطأه - وكان قلّ أن يخطئ - فشدّ يوسف عليه، فنزل السلطان عن السرير، فعثر، فبرك عليه يوسف، وضربه بسكين معه، في خاصرته، فشدّ مملوك على يوسف قتله، ثم مات السلطان من ذلك الجرح، عن أربعين سنة وشهرين، وكان أهل سمرقند قد خافوه، وابتهلوا إلى الله، وقرأوا الختم ليكفيهم أمر ألب أرسلان، فكفوا.
وابن المأمون، أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد بن محمد الهاشمي العباسي البغدادي، في شوال، وله تسع وثمانون سنة. سمع جدّه أبا الفضل بن المأمون، والدارقطني وجماعة. قال أبو سعد بن السمعاني: كان ثقة نبيلاً مهيباً، تعلوه سكينة ووقار، رحمه الله.