وقال السِّلفي: كان من أعيان علماء الإسلام، متصرّفاً في فنون من العلوم.
وقال ابن عساكر: بلغني أنَّه قال: أهل البدع يحتجّون بقوله ليس كمثله شيء أي في الإلهيّة. فأمّا في الصورة فمثلنا. ثم يحتج بقوله لستنّ كأحد من النساء إن اتقيتنّ أي في الحرمة.
ومحمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي البربري المدّعي أنه علويّ حسنيّ وأنّه المهديُّ. رحل إلى المشرق ولقي الغزّالي وطائفة وحصل فناً من العلم والأصول والكلام، وكان رجلاً ورعاً ساكناً ناسكاً في الجملة، زاهداً متقشّفاً شجاعاً جلداً عاقلاً عميق الفكر بعيد الغور، فصيحاً مهيباً.
لذته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد. ولكن جرَّه إقدامه وجرأته إلى حبّ الرئاسة والظهور، وارتكاب المحظور، ودعوى الكذب والزور من أنّه حسنيّ، وهو هرغيّ بربريّ، وأنّه إمامٌ معصومٌ، وهو بالإجماع مخصوم. فبدأ أوَّلاً بالإنكار بمكة، فآذوه، فقدم مصر وأنكر، فطردوه. فأقام بالثغر مدّه فنفوه، وركب البحر فشرع ينكر على أهل المركب ويأمر وينهى ويلزمهم بالصلاة. وكان مهيباً وقوراً بزيق الفقر. فنزل بالمهديّة في غرفة، فكان لا يرى منكراً أو لهواً إلاّ غيّرة بيده ولسانه. فاشتهر، وصار له زبون وشباب يقرأون عليه في الأصول. فطلبه أمير البلد يحيى بن باديس وجلس له. فلما رأى حسن سمته وسمع كلامه احترمه وسأله الدعاء. فتحوّل إلى بجاية وأنكر بها.
فأخرجوه، فلقي بقرية ملاّلة عبد المؤمن ابن عليّ شابّاً مختطاً مليحاً. فربطه عليه وأفضى إليه بسرّه وأفاده جملةً من العل: وصار معه نحو خمسة أنفس. فدخل