المِرْوَزي عن عبد الله بن شدّاد نحوه وأتم منه. وأخرج عبدان عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أن هرقل قال لدحية رضي الله عنه: ويحك إنِّي - والله - لأعلم أن صاحبك نبيٌّ مرسل وأنه للذي كنا ننتظر ونجده في كتابنا، ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتَّبعته؛ فاذهب إِلى ضغاطر الأسقُف فاذكر له أمر صاحبكم فهو أعظم في الروم مني وأجوز قولاً. فجاءه دِحْية فأخبره. فقال له: صاحبك - والله - نبي مرسل، نعرفه بصفته واسمه. ثم دخل فألقى ثيابه وليس ثياباً بيضاء، وخرج على الروح فشهد شهادة الحق فوثبوا عليه فقتلوه. وهكذا ذكره يحيى بن سعيد الأموي في المغازي والطبري عن ابن إِسحاق؛ كذا في الإِصابة.
وأخرج عبد الله بن أحمد وأبو يَعْلَى عن سعيد بنت أبي راشد قال: رأيت التنوخي - رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ بحمص وكان جاراً لي شيخاً كبيراً قد بلغ الفناء - أو قَرُب - فقلت: ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل؟ قال: بلى. وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك وبعث دِحْية الكِلبي إلى هرقل، فلمّا أن جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قسيسي الروم وبطارقتها ثم غلَق عليه وعليهم الدار. قال: نزل هذا الرجل حيث رأيتم وقد أرسل إليّ يدعوني إلى ثلاث خصال: يدعوني أن أتبعه على دينه، أو أن نعطيه مالنا على أرضنا والأرض أرضنا، أو نلقي إليه الحرب. والله لقد عرفتم فيما تقرؤون من الكتب لتؤخذنَّ ما تحت قدميّ فهلمَّ نتبعه على دينه أو نعطيه مالنا على أرضنا. فنخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم وقالوا: تدعونا إلى أن نذر النصرانية أو نكون عبيداً لأعرابي جاء من الحجاز؟ فلمَّا ظنَّ أنَّهم إن خرجوا أفسدوا عليه رفاقهم وملكه، قال: إنما قلت ذلك لكم لأعلم صلابتكم على أمركم.