ثم دعا رجلاً من عرب «تُجيب» كان على نصارى العرب قال: أُدُع لي رجلاً حافظاً للحديث عربي اللسان أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه. فجاءني فدفع إليّ هرقل كتاباً باني فقال: إذهب بكتابي إلى هذا الرجل، فما صَغِيتَ من حديثه فاحفظ منه ثلاث خصال: أنظر هل يذكر صحيفته التي كتب إليّ بشيء؟ وانظر إذا قرأ كتابي هل يذكر الليل؟ وانظر في ظهره هل به من شيء يريبك؟ فانطلقتُ بكتابه حتى جئت تبوك فإذا هو جالس بين أصحابه على الماء، فقلت: أين صاحبكم؟ قي: ها هوذا. فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه. فناولته كتابي فوضعه في حِجْره ثم قال:«ممَّن أنت؟» قلت: أنا أحد تنوخ. فقال:«هل لك في الحنيفية ملّة أبيكم إبراهيم؟» قلت: إني رسول قوم وعلى دين قوم، لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم. قال:«إنَّك لا تهدي من أحببت ولكنَّ الله يهدي من يشاء، وهو أعلم بالمهتدين. يا أخا تنوخ إني كتبت بكتابي إلى النجاشي فخرقها والله مُخرِّقهُ ومُخَرِّقُ ملكه. وكتب إلى صاحبكم بصحيفة فأمسكها فلن يزال الناس يجدون منه بأساً ما دام في العيش خير» . قلت: هذه إحدى الثلاثة التي أوصاني بها، وأخذت سهماً من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي. ثم إنَّه ناول الصحيفة رجلاً عن يساره فقلت: من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم؟ قالوا: معاوية. فإذا في كتاب صاحبي: يدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أُعدّت للمتقين. فأين النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سبحان الله فأين الليل إِذا جاء النهار؟» فأخذت سهماً من جعبتي فكتبته في جلد سيفي. فلما فرغ من قراءة كتابي قال: «إنَّ لك حقاً وإنك