للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أصابتهم سَنَة وشدّة وقحط من الغيث، فأنا أخشى - يا رسول الله - أن يخرجوا من الإِسلام طمعاً كما دخلوا فيه طمعاً؛ فإن رأيتَ أن ترسل إليهم بشيء تغيثهم به فعلتَ. فنظر إلى رجل إِلى جانبه - أُراه علياً - فقال: يا رسول الله ما بقي منه شيء. قال زيد بن سُعْنة: فدنوت إليه فقلت: يا محمد، هل لك أن تبيعني تمراً معلوماً في حائط بني فلان إلى أجل معلوم، إلى أجل كذا وكذا. قال: «لا تُسمِّ حائط بني فلان» قلت: نعم، فبايَعَني، فأطلقت هِمْياني فأعطيته ثمانين مثقالاً من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا، فأعطاه الرجل وقال: «إعدل عليهم وأغثهم» .

قال زيد بن سُعْنة: فلما كان قبل مَحِلِّ الأجل بيومين أو ثلاثة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم في نفر من أصحابه، فلم صلّى على الجنازة ودنا إلى الجدار ليجلس إليه أتيته، فأخذته بمجامع قميصه وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ، وقلت له: يا محمد، ألا تقضيني حقِّي؟ فوالله، ما عُلِمْتُم بني عبد المطلب إلا مُطْلاً، ولقد كان بمخالطتكم علم. ونظرت إلى عمر وعيناه تدوران في وجهه كالفِلك المستدير، ثم رماني ببصر فقال: يا عدو الله، أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع؟ وتصنع به ما أرى؟ فوالذي نفسي بيده لولا ما أحاذر فَوْته لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليَّ في سكون وتُؤدة. فقال: «يا عمر، أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا؛ أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن أتباعه. إذهب به يا عمر، فأعطه حقَّه وزِدْه عشرين صاعاً من تمر مكان ما رْعْته» .

<<  <  ج: ص:  >  >>