قالت: صدق، فقام عرم إليها بالدرّة فتناولها بها ثم قال: أي عدوّة نفسها أكلت ماله، وأفنيت شبابه، ثم أنشأت تخبرين بما ليس فيه. قالت: يا أمير المؤمنين لا تعجل، فوالله لا أجلس هذا المجلس أبداً، فأمر لها بثلاثة أثواب فقال: خذي هذا بما صنعت بك، وإياك أن تشتكي هذا الشيخ. قال: فكأني أنظر إليها قامت ومعها الثياب، ثم أقبل على زوجها فقال: لا يحملك ما رأتني صنعت بها أن تسيء إليها، فقال: ما كنت لأفعل، قال: فانصرفا، ثم قال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أمتي القرن الذي أنا منهم، ثم الثاني والثالث، ثم ينشأ قوم يسبق أيمانهم شهادتهم، يشهدون من غير أن يُستشهدوا، لهم لَغَطٌ في أسواقهم» . قال ابن حجر: إسناده قوي، كذا في الكنزل؛ وأخرجه أيضاً أبو بكر ابن (أبي) عاصم، كما في الإصابة.
(قصة امرأة أخرى وزوجها مع عمر)
وأخرج ابن سعد عن الشَّعبي قال: جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت: أشكو إليك خير أهل الدنيا إلا رجلاً سبقه بعمل أو عمل مثل عمله. يقوم الليل حتى يصبح، ويصوم النهار حتى يمسي، ثم تجلاّها الحياء، فقالت: أقِلْني يا أمير المؤمنين، فقال: جزاك الله خيراً؛ فقد أحسنت الثناء. قد أقتلك، فلما ولّت قال كعب بن سخور: يا أمير المؤمنين لقد أبلغت إليك في الشكوى، فقال: ما اشتكت؟ قال: زوجَها، قال: عليَّ المرأة (فأرسل إلى زوجها فجاء) ، فقال لكعب: اقضِ بينهما، قال: أقضي وأنت شاهد قال: إنك قد فطنت إلى ما لم أفطن له، قال: فإن الله تعال يقول: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباح}(سورة النساء، الآية: ٣) صم ثلاثة أيام وأفطر عندها يوماً، وقم ثلاث ليالٍ وبتْ عندها ليلة.