ثم ارتحل إلى المدينة ليبيع عقاراً له بها ويجعله في الكُراع والسلاح، ثم يجاهد الروم حتى يموت، فلقي رهطاً من قومه فحدّثوه أن رهطاً من قومه ستةً أرادوا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«أليس لكم فيَّ أسوة حسنة» ؟ فنهاهم عن ذلك فأشهدَهم على رجعتها، ثم رجع إلينا فأخبرنا أنه أتى ابن عباس رضي الله عنهما فسأله عن الوتر فقال: ألا أنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، قال: ائت عائشة رضي الله عنها فسلها ثم ارجع إليَّ فأخبرني بردها عليك، قال: فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها فقال: ما أنا بقاربها، إني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين فأبت فيهما إلا مضيّاً، فأقسمتُ عليه، فجاء معي فدخلنا عليها فقالت: حكيم؟ وعرفتْه، قال: نعم، قالت: من هذا معك؟ قال: سعيد بن هشام، قالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، قال: فترحَّمت عليه وقالت: نِعمَ المرء كان عامراً قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن. فهممت أن أقوم ثم بدا لي قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ألست تقرأ هذه السورة: يا أيها المزمِّل؟ قلت: بلى، قالت: فإن الله افترض قيام اليل في أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً حتى انفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهراً، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعاً من بعد فريضة.
فهممت أن أقوم ثم بدا لي وِتْر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن وِتْر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كنا نُعِدّ له سواكه وطَهوره فيبعثه الله لمَّا يشاء أن يبعثه من الليل، فيتسوّك ثم يتوضأ، ثم يصلي ثمان ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيجلس ويذكر ربَّه تعالى ويدعوه، ثم ينهض وما يسلِّم، ثم يقوم ليصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله وحده، ثم يدعوه، ثم يسلم تسليماً