لا، والله ما وضعت الملائكة السلاح، بعد، أخرج إلى بني قريظة فقاتلهم) قالت: فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأُمَتَه، وأذَّن في الناس بالرحيل أن يخرجوا؛ فمرّ على بني غَنْم - وهم جيران المسجد حوله - فقال:«من مرّ بكم؟» قالوا: مرّ بنا دحية الكلبي - وكان دحية الكلبي تشبه لحيته وسنّه ووجهه جبرائيل عليه السلام - فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة. فلما اشتد حَصْرُهم واشتد البلاء قيل لهم: أنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشاروا أبا لُبابة بن عبد المنذر، فأشار إليهم إنَّه الذَّبْح. قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنزلوا على حكم سعد بن معاذ» . فأُتِيَ به على حمار عليه إكاف من ليف، قد حُمل عليه وحفَّ به قومه. فقالوا: يا أبَا عمرو، حلفاؤك ومواليك وأهل النِكاية ومن قد علمت. قالت: ولا يَرجِع إليهم شيئاً، ولا يلتفت إليهم، حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه، فقال: قد آن لي أن لا أبالي في الله لومة لائم. قالت: قال أبو سعيد رضي الله عنه: فلما طلع قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «قوموا إِلى سيِّدكم فأنزلوه» . قال عمر: سيدنا الله. قال:«أنزِلوه» ، فأنزَلوه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أحكم فيهم» . قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تُقتل مقاتِلَتُهم. وتُسبى ذراريهم، وتُقسم أموالهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله» . ثم دعا سعد فقال: اللَّهمَّ إِن كنت أبقيتَ على نبيك من حرب قريش شيئاً فأبقني لها.
وإن
كنتَ قطعتَ الحرب بينه وبينهم فأقبضني إليك. قالت: فانفجر كَلْمه، وكان قد برىء حتى لا يُرى منه إلا مثلُ الخُرْص، ورجع إلى قبّته التي ضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة: فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر. قالت: فوالذي نفس محمد بيده، إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وأنا في حُجْرتي، وكانوا كما قال الله:{رُحَمَآء بَيْنَهُمْ}(الفتح: ٢٩) . قال علقمة فقلت: يا أُمَّهْ، فكيف كان