بالظهران. وأما خُبَيب بن عدّي، وزيد بن الدَثِنة فقدموا بهما مكة، فباعوهما من قريش بأسيرين من هُذَيل كانا بمكة، فابتاع خبيباً حُجَيرُ بن أبي إهاب التميمي. وأما زيد بن الدَّثِنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه؛ فبعثه مع مولى له يقال له نِسْطاس إلى التَّنْعيم، وأخرجه من الحرم ليقتله. واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان - حين قُدِّم ليقتل - أنشدك بالله - يا زيد - أتحبُّ أن محمداً الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك قال: والله ما أحب أنَّ محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحداً يحبُّ أحداً كحبِّ أصحاب محمدٍ محمداً. قال: ثم قتله نِسْطاس.
قصة حبس خبيب بمكة وقصة صلاته عند القتل
قال: وأم خُبَيب بن عديّ فحدثني عبد الله بن أبي نَجِيح أنه حُدِّث عن ماوِيَّة مولاة حجير بن أبي إهاب - وكانت قد أسلمت -، قالت: كان عندي خبيب حبس في بيتي، فلقد اطَّلعت عليه يوماً وإن في يده لقِطْفاً من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه؛ وما أعلم في أرض الله عنباً يؤكل.
قال ابن إسحاق وحدّثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي نَجِيح أنهما قالا: قالت: قال لي حين حضره القتل: إبعثي إليّ بحديدة أتطهَّر بنا للقتل. قالت: فأعطيت غلاماً من الحيِّ الموسى، فقلت: أدخلْ بها على هذا الرجل البيت. فقالت: فوالله إنْ هو إلا أن ولَّى الغلام بها إليه، فقلت: ماذا صنعتُ؟ أصاب - والله - الرجل ثأره؛ يقتل هذا الغلام؛ فيكون رجلاً برجل. فلما ناوله الحديدة أخذها من يده، ثم قال: لعمرك، ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إليَّ؟ ثم خلَّى سبيله. قال ابن هشام؛ ويقال إنَّ الغلام ابنها.