للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شتمه، فبلغ ذلك يزيد، فأقسم لا يُؤتى به إلا مغلولاً وإلا أرسل إليه. فقيل لابن الزبير؛ ألا نصنع لك أغلالاً من فضة تلبس عليها الثوب، وتُبِرّ قَسَمه؛ فالصلح أجمل بك. قال: فلا أبرَّ الله قَسَمه، ثم قال:

ولا ألينُ لغير الحقِّ أسألُه

حتى يلينَ لضرسِ الماضغِ الحجرُ

ثم قال: والله لضربةٌ بسيف في عز أحب إليّ من ضربة بسَوْط في ذل، ثم دعا إلى نفسه وأظهر الخلاف يزيد بن معاوية. فوجَّه إليه يزيد بن معاوية مُسْلِم بن عُقبة المُرِّي في جيش أهل الشام، وأمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ من ذلك سار إلى مكة.

قال: فدخل مسلم بن عقبة المدينة، وهرب منه يومئذٍ بقايا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعَبَث فيها وأسرف في القتل، ثم خرج منها. فلما كان ببعض الطريق مات، واستخلف حُصَين بن نُمير الكندي وقال: يا ابن بَرْذَعة الحمار أحذر خدائع قريش، ولا تعاملهم إلا بالثِّقاف ثم بالقطاف. فمضى حصين حتى ورد مكة، فقاتل بها ابن الزبير رضي الله عنهما أياماً - فذكر الحديث، وفيه: قال: وبلغ حصين بن نمير موتُ يزيدَ بن معاوية، فهرب حُصَين بن نمير. فلما مات يزيد بن معاوية دعا مروان بن الحكم إلى نفسه - فذكر الحديث، وفيه: ثم مات مروان ودعا عبد الملك لنفسه، وقام فأجابه أهل الشام، فخطب على المنبر وقال: من لابن الزبير منكم؟ فقال الحجاج: أنا يا أمير المؤمين، فأسكته، ثم عاد فأسكته، ثم عاد فقال: أنا يا أمير المؤمنين (فإني) رأيت في النوم أني انتزعت جبته فلبستها. فعقد له (ووجهه) في الجيش إلى مكة حتى قدمها على ابن الزبير رضي الله عنهما، فقاتله بها. فقال ابن الزبير رضي الله عنهما لأهل مكة: إحفظوا هذين الجبلين فإنكم لن تزالوا بخير أعزّة ما لم يظهروا عليهما، فلم يلبثوا أن ظهر الحجّاج ومن معه على «أبي قُبَيس» ، ونصب عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>