مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً} - إلى قوله تعالى - {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذالِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(الأنعام: ١٥١ - ١٥٣) فقال له مفروق: وإلامَ تدعو أيضاً يا أخا قريش؟ فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض ولو كن من كلامه م لعَرفناه، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإْحْسَانِ} - إلى قوله تعالى - {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(النحل: ٩٠) . فقال له مفروق: دعوتَ - والله - يا قرشي إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفِك قوم كذَّبوك وظاهروا عليك.
وكأنه أحبَّ أنْ يَشركه في الكلام هانىء بن قبيصة فقال: وهذا هانىء بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا. فقال له هانىء: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وصدَّقت قولك، وإِني أرى أنَّ تركَنا ديننا واتِّباعنا إياك على دينك لمجلس جلستَه إلينا ليس له أول ولا آخر لم نتفكر في أمرك، وننظر في عاقبة ما تدعونا إليه - زلّةٌ في الرأي، وطَيْشة في العقل، وقلة نظر في العاقبة، وإِنَّما تكون الزلَّة مع العَجَلة، وإِنَّ مِنْ ورائنا قوماً نكره أنْ نعقد عليهم عقداً. ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر.
وكأنَّه أحب أنْ يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا. فقال المثنى: قد سمعت مقالتك، واستحسنت قولك يا أخا قريش، وأعجبني ما تكلمت به، والجواب هو جواب هانىء بن قبيصة، إِنَّما نزلنا بين صِيرَين: أحدهما اليمامة، والأخرى السَّماوة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هذان الصِّيران؟ فقال له: أما أحدهما فطُفوف البر وأرض العرب، وأما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى، وإِنما نزلنا على عهدٍ أخذه علينا كسرى أنْ