وهكذا نجد أنَّ القارئ لـ: (رسائل) هذا الإمام يجدُ راحةً فيما يقرأ، وطمأنينة علميَّةً فيما يجده من معلوماتٍ موثقة، ومتسلسلة، ومترابطة.
المآخذ على (رسائله):
لم أجد أثناء قراءتي لـ: (رسائل) هذا الإمام المحقَّق، ما يستحق أن يكون مأخذاً عليه، ولكن هناك بعض الأمور أشرت إليها، وغالبها مؤاخذات تتعلق بالمنهج الاصطلاحي، أو (شكليّة)، لا بذات الصناعة الحديثية، وما أُخِذَ عليه في المنهج الاصطلاحي، يُؤخَذ على كثيرٍ من المُصَنّفِين، ولم يعدوه قدحاً في المعرفة بالحديث، وعلومه؛ فمن ذلك:
١ - عدم الدقة (أحياناً) في: تخريج، وعزو بعض الأحاديث.
٢ - ينقل أحياناً من بعض المراجع دون أن يَنْسِب إليها، وظهر لي أنَّ سبب ذلك وضع (رسائله)؛ فهي مختصرة، فلا تحتمل أكثر مما ذكره. ولو نسب كل قولٍ لقائله، ووثق كل معلومة من مصدرها –وهو قادرٌ على ذلك- لخرت (الرسالة) عن مسمى (رسالة).
ولعلَّ عدم الإشارة للمصدر تكون –أحياناً- عن عَمْدٍ.
ومِمَّا أظنه كذلك، نقله من (تفسير الزمخشري)، في موضعين، ولم يُسَمِّه، بل اكتفى بقوله: (قال بعض المفسرين). ولَعَلَّه فعل ذلك؛ لأنَّ (المفسر) من (رؤوس المعتزلة).
ولكنْ وجدته في بعض المرَّات ينقل كلاماً من: كتب شيخي الإسلام ابن تيمية، وابن القيّم، ومن (تفسير) ابن كثير، و (فتح الباري) للحافظ، وغيرهم، ولا يعزو إليهم.
وهذا أمرٌ وقع فيه بعضُ الأئمة، وتساهَلَ في هذا الباب بعضُ أهلِ العلمِ ولكن الأولى نسبةُ كلِّ نقلٍ إلى قائله.
وكان الكلام على منهجه العملي طريقاً لنا لنتكلم على منهج (أئمة الدعوة السلفية) في النَّقل من كتب أهل البدع، والردِّ على من زَعَم أنَّ علماء (نجد) متعصِّبون لمعتقدهم، ولا يقرؤون إلا كتبهم، وما وافقها، وأمَّا كتب مخالفيهم، فلا يقرؤونها، ولا يأخذون ما فيها، وإن كان حقاً.
وتمّ رد هذه الفرية بالوقائع التاريخيّة، وأثبتّ أنهم واسعوا الاطلاع، ولكن المنهج الذي سلكوه أوجبَ عليهم عرضَ كلِّ ما قرأوه على: (الكتاب) و (السنة)، فما وافقهما أخذوا به، وإلا فلا.
ثم ختمت بالمبحث الرَّابع، وخصصته لمصادره العلمية، وقد شملت كتب (التفسير)، و (العقيدة)، و (الحديث)، و (علومه)، و (الفقه)، و (أصوله)، و (السيرة)، و (التاريخ)، و (التراجم)، و (الرجال)، و (اللغة)، و (المواعظ)، و (الآداب)، و (مؤلفات ابن تيمية)، و (ابن القيم).
ولاحظنا في هذه المصادر: كثرة (كتب الحديث) مقارنةً بغيرها، وكثرة كتب ابن تيمية، وابن القيم مقارنةً بغيرها.
وختمت البحث بفصلٍ خاصٍ عن (حاشية المقنع)، وثناء العلماء عليها، وأثبت بأدلةٍ قويةٍ، أنها للإمام سليمان، ولها نسختان، طُبِعتَا عليهما، وفي كل نسخةٍ ما ليس في الأخرى.
أمَّا ما قيل مِن أنَّ العلامة: عبدالله العنقري –رحمه الله- جمع بين الحاشيتين فغير صحيح.
وأختم هذه الخاتمة بالتنبيه إلى أنَّ صاحب هذه الترجمة الإمام سليمان بن عبدالله آل الشيخ –رحمه الله- كان له نصيبٌ وافرٌ من العلم بجميعِ فنونهِ؛ فهو يكتب في: (التفسير)، و (العقيدة)، و (الحديث)، و (الفقه).
ويُؤلِّف، ويَشرَحُ، ويَنسَخ، ويُعَلِّق، ويَستدرِك، ويَرُد، ويُنَاقِش. وكان (ينقل على نُسَخِهِ، ويُحَشِّي).
كلُّ ذلك وهو لم يبلغ سن الرشد.
فأين شباب هذه الأمة عن هذه الهمّة العالية؟
وأين طلاب العلم الذين اشتغلوا بالنقد أكثر من الطلب؟
وأين الشباب الذين تركوا كتب السنة، وراحوا يتتبَّعون عورات العلماء، وجعلوا أعراض العلماء موائد لهم؟ والله المستعان.
فرحمة الله على هذا الإمام الجليل، وأسكنه فسيح جناته آمين،،،
وكتبه
أبو محمد عبدالله بن محمد الحوالي الشمراني
غفر الله له ولوالديه