١٦ - التحقيق في مدلول بعض مصطلحات علوم الحديث عند الإمام علي بن المديني.
وجد للإمام علي بن المديني أقوال في بعض أنواع علوم الحديث مثل الحسن والمرسل ونحوهما , وبعد دراسة هذه المصطلحات اتضح لي ما يلي:
أولاً: أنه يريد في الغالب من إطلاقه لفظ الحسن المعنى الاصطلاحي المعروف عند المتأخرين.
ثانياً: وفي الاحتجاج بالمرسل نجد الإمام علي بن المديني لا يرده مطلقاً ولا يقلبه مطلقاً بل يرى فيه التفصيل. فيقبل مرسلات بعض المحدثين إذا احتفت به القرائن على صحة مخرج المرسل , ويرد مرسلات الرواة الذين يأتون بالمناكير أو يحدث عن كل ضرب.
ثالثاً: وأما موقفه من المدلس فيتضح من ظاهر كلامه أنه إذا كثر التدليس من الراوي فلا تقبل روايته حتى يبين السماع ويفيد الاتصال , وأما إذا كان التدليس من الراوي نادراً فإنه يقبل تدليسه – والله أعلم –
رابعاً: هناك مصطلحات أخرى من مصطلحات علوم الحديث فيها آراء للإمام علي بن المديني ذكرتها مبسوطة في المبحث الرابع من الفصل الأخير من هذه الرساله
هذه بعض نتائج هذا البحث وثمراته التي توصلت إليها بفضل الله عز وجل , وقبل أن أختتم هذه الخاتمة أرى تتميماً للفائدة أن أسطر هنا بعض التوصيات التي ظهرت لي خلال إعدادي لهذا البحث وفيما يلي بعض هذه التوصيات:
أولاً: ضرورة توجيه طلاب الدراسات العليا لتناول موضوعات في دراسة مناهج النقاد في نقدهم للرجال , ولا سيما الأئمة الحفاظ الكبار الأقدمون الذين كانوا في عصر الإمام علي بن المديني وقبله وذلك بدراسة منهجهم وتحليل عباراتهم التي استخدموها في تجريح الرواة وتعديلهم.
ثانياً: ضرورة القيام بالموازنة بين هذه الدراسات لمعرفة منهج كل ناقد على حدة ومميزات نقده.
ثالثا ً: أهمية تحقيق كتب الرجال والتواريخ المخطوطة لما فيها من المعلومات القيمة في مجال النقد وخاصة إذا اشتملت المخطوطة على نصوص الأئمة الأقدمين الذين فقدت كتبهم.
رابعاً: أهمية القيام بتحقيق كتب الرجال والتواريخ المطبوعة طباعة غير محققة وذلك لما فيها من الأخطاء الكثيرة مما يوقع الناظر في هذه الكتب من أهل العلم في مشاكل كثيرة ويهدر كثيراً من وقته الثمين.
خامساً: ضرورة فهرسة كتب الرجال والتواريخ للأعلام الواردة فيها فهرسة علمية تفصيلية دقيقة , لأن ذلك يوفر كثيراً من أوقات الباحثين في هذه الكتب.
وبهذا آتي إلى نهاية البحث الذي وفقني الله وأعانني على إنجازه.
وفي الختام أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يسبغ فيوض رحمته على الإمام أبي الحسن علي بن عبد الله المديني , وان يحشره وإيانا في زمرة عباده الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , كما أسأله – جلت قدرته – أن ينفع بهذا العمل , وأن يجعله عملاً خالصاً لوجهه الكريم, وأن يغفر لي زلاتي , ويتقبل جهدي المتواضع في خدمة الحديث النبوي الشريف، وأن يلهمني الرشد والصواب إنه ولي ذلك والقادر عليه وهو حسبي ونعم الوكيل , وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.