٩ـ وأثبت بالأدلة العقلية: أن نقد السند أهم من نقد المتن، وأن فكرة الاعتماد على النظر في المتن واحدة، فكرة أثبتت التجربة أنها خاطئة، وأن نقد الأسانيد له اتصال وثيق بنقد المتن.
١٠ـ وأنّ المحدثين لم يخطوا خطوة في مسائل النقد، إلا وكان العقل مسايراً لهم ومؤيداً لقواعدهم النقدية.
١١ـ ثم ذكرت أهم القواعد التي وضعها النقاد لنقد الراوي والمروي.
١٢ـ وفي المقصد السابع الذي هو الأخير من المدخل، بينت: كيف أن علم نقد الحديث كان له الأثر العظيم في حفظ السنة. وكيف أن المحدثين رتبوا كتب السنة على طبقات باعتبار الصحة والشهرة حتى اطمأنت إليها الأمة وجعلتها نبراساً لحياتها ومصدراً لتشريعها.
١٣ـ وفي بداية الباب الأول، وتمهيداً للشروع في مباحثه، التي تدور حول نقد السند. أتيت بذكر الأسباب التي دعت إلى ظهور الإسناد. وأن بعضاً من الصحابة، أحجموا عن الرواية عند اشتداد الفتن وانتشار الكذب، ولكنه لم يكن الحل الصحيح للمشكلة. وكان لابد من الحلول الجذرية لها، ومن التقيد بأصول وقواعد تضع الحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
فظهر السؤال عن الإسناد:
١٤ـ واعتبر الإسناد ركناً من ركني الحديث. وتحمل المحدثون مشاق السفر إلى بلاد نائية، بحثاً عن أسانيد الأحاديث، بل عن إسناد الحديث الواحد، لأنه استقر في أذهانهم أنه لا يمكن تصور الحديث بدون الإسناد، واشتهر بينهم: أن السند للخبر كالنسب للمرء.
١٥ـ وكما أنهم استعملوا الإسناد للحديث، استعملوه كذلك لرواية الكتب.
١٦ـ ثم اهتموا بنقد هذه الأسانيد، فرتبوا أسماء الرواة بحسب القوة والضعف والسنة والبدعة، وعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط وكتبوا الحديث من عشرين وجهاً فأكثر، وأجروا عملية المقارنة بين الروايات حتى وصلوا إلى نتائج صحيحة ودقيقة.
١٧ـ ولم يكتفوا بهذا. بل بحثوا في عدالة الراوي وضبطه، وذكروا معنى العدالة، وكيفية ثبوتها للراوي، والأمور التي تسلب العدالة من الراوي. وذكروا معنى الضبط، وكيفية ثبوته للراوي، والأمور التي تسلبه من الرواية. ثم نصوا على أنه لا يقبل إلا حديث الثقة الضابط، وردُّوا حديث أهل الغفلة والغلط والكذب والبدعة.
١٨ـ ومن عنايتهم بنقد السند أن بحثوا في اتصال السند وانقطاعه وصرفوا إليهما اهتمامهم البالغ، وجعلوا اتصال السند شرطاً أساسياً لكون الحديث صحيحاً. وذكروا معنى الاتصال، وأنواع الحديث المتصل ودرجاتها وأحكامها من حيث القبول والرد كما ذكروا معنى الانقطاع وأنواع الحديث المنقطع ودرجاتها وأحكامها بكل تفاصيلها.
١٩ـ ومن عنايتهم بنقد السند أيضاً أن اهتموا بمعرفة طرق تلقّي الحديث وأدائه ووضعوا مصطلحات خاصة تحدد كيفية التلقي وأدائه، حتى أمكن لهم الحكم على كل حديث بأنه صحيح أم غير صحيح، متصل أو منقطع.
٢٠ـ ثم تطرقت لموضوع العنعنة عند المحدثين، لأن لها ارتباطاً قوياً بنقد السند، ومعرفة صحيحه من سقيمه. وذكرت أقوالهم في الحديث المعنعن، والشروط التي يجب توافرها لقبوله، كما تطرقت لبيان الحكم في الأحاديث المعنعنة الموجودة في الصحيحين.
٢١ـ وشرحت معنى الشذوذ في السند. وتعريف الشاذ واختلاف العلماء فيه وحكمه عند المحدثين، وارتباطه بنقد السند. وجئت بالأمثلة التي ألقت ضوءاً كافياً على مدى اهتمام المحدثين بنقد السند.
٢٢ـ ثم بيَّنت مفهوم العلة في الحديث، وأهمية معرفتها. وكيف أن المحدثين الأجلّة اهتموا بها، وأنه لم يخض في هذا الغمار إلا الجهابذة في علوم الحديث لكونها من أدقّ العلوم وأغمضها.