يشمل النظام الاقتصادي الإسلامي بأوسع معانيه وإيجاد الحلول لمشاكل العالم المعاصر الاقتصادية ويشمل النظام الاجتماعي والنظام الجنائي والنظام الدولي والنظام المدني والنظام العسكري في أوسع مجالاته نظام العلاقات الدولية والسفارات وأخلاقيات الدولة الإسلامية يشمل كل أشكال المعاملات المالية في نظام البنوك المعاصر يبين حلالها وحرامها وحقها من باطلها. وحين يقصر مفسر أو فقيه في جانب منها فإن القصور من جهده وليس من النصوص فليعتر أولئك الذين يصرفون جهودهم إلى ما نضج واحترق من المسائل الفقهية ويتركون عجزاً أو تهاوناً أو كسلاً عن الأبحاث الأخرى التي ما تزال بحاجة إلى أن يخرجها العلماء للناس ويقولون لهم بأعلى صوت هذا نظام دينكم فخذوا به ...
نظرت في كتب تفسير آيات الأحكام في العصر الحديث وهالني ما رأيت ... رأيتها تكرر ما قاله الجصاص وابن العربي والشافعي والقرطبي وأنعم بهم من رجال وأنعم بها من كتب ... لكنهم كتبوا لأبناء عصرهم وعالجوا قضاياه وأشبعوا الموضوع درساً وبحثاً حتى كادت كتب بعضهم أن تكون كتب فقه لا تفسير.
ومع هذا كله فإن كتبهم موجودة لم تفقد حتى أصولها، ومنتشرة في الأسواق أكثر من كتب من نقل عنها فأي فائدة نرجوها من جديد لم يأت بجديد؟!.
وليت أصحابنا ـ غفر الله لنا ولهم ـ وهم يكتبون في التفسير الفقهي ولا يعالجون قضايا مجتمعهم المعاصر ليتهم عالجوا بعض الاختلافات الفقهية بين أهل السنّة والجماعة وبين الفرق الأخرى ليتهم نقضوا ما يستدل به الشيعة في تفسيرهم لإباحة نكاح المتعة ليتهم أظهروا مواطن الخطأ في الاستدلال عند هؤلاء ـ ليتهم ردوا على الذين يزعمون إباحة الربا غير المضاعف ويبثون الشبهات في تحريمه ويدعون إباحته ليتهم ردوا على الذين يرون أن فرض الرجلين في الوضوء المسح ـ أو ردوا على تفسيرهم للخمس وتوزيعه، أو ردوا على الذين يعطلون الجمعة أو الجماعة بمزاعم باطلة ... ليتهم وليتهم. هل التمس لهم في هذا ما التمسته آنفاً لمفسري أهل السنّة والجماعة في العقيدة من عذر، وهل ينفع العذر إذا رأيت فيه ما رأيته في ذاك ... !!.
ونظرت أخرى في كتب التفسير الفقهي فوجدت أصحابهاـ أو هكذا خيل إلى ـ يكتبون لتلاميذهم ولا يكتبون لزملائهم وإخوانهم العلماء وظهر أثر ذلك فيما يكتبون.
أما أنهم يكتبون لتلاميذهم فكل ما اطلعت عليه من كتب التفسير الفقهي إلا القليل منها ألفه أصحابه لتلاميذهم في المعاهد والجامعات فكانوا لذلك يسيرون وفق منهج خاص لا يتجاوزونه يسيرون معه وليس مع النصوص ومدى دلالتها يسيرون مع النص وينظرون إلى الخلف إلى المنهج المقرر خشية أن يكونوا قد ابتعدوا عن حدوده ومنطقته فيعودون فجأة وتكاد تحس بأن الموضوع مبتور وتكاد تحس بقوة النقلة تهزك، وكانوا لذلك يقتصرون على سور معينة هي تلك السور التي حددها المنهج وعلى آيات معينة من السورة هي كذلك.
لا شك أن مثل هذا لالتزام سيؤثر على عطاء المؤلف وعلى نتاجه ولذلك نرى صغر حجم المؤلفات في التفسير الفقهي في العصر الحديث عنها في القديم.
ليس لأنهم اكتفوا بما قاله السابقون وليس لأنهم اقتصروا على ما جد في الحديث ... ولكن لهذا الالتزام فحسب.
كلامي هذا ـ أيها الأحبة ـ يشير بأصابعه العشرة إلى بعض المؤلفات في العصر الحديث، وببعض أصابعه إلى بعضها ... لكني لا أجد تفسيراً فقيهاً معاصراً إلا ويشير إليه إصبع منها.