للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - الماتريدي والماتريدية قد وافقوا أهل السنة المحصنة من سلف هذه الأمة وأئمة السنة في إثبات بعض الصفات، وكثير من مسائل الأسماء الحسنى، ومعظم أبواب النبوة وجميع أبواب المعاد، والقضاء والقدر، وخلق أفعال العباد، وإبطال الجبر.

وهذا من حسناتهم التي لا تنسى والتي يشكرون عليها ونحبهم بها.

١٤ - فهؤلاء- لما عندهم من الحق- يعدون من أهل السنة بالمعنى العام، وليسوا من أهل السنة المحصنة (١).

١٥ - للماتريدية موقف خطير من النصوص الشرعية وهو في الحقيقة موقف من لا يؤمن بها حقاً، حيث قدموا عقولهم على النقل الصحيح الصريح، وجعلوا العقل أصلاً ويقيناً وجعلوه مصدراً لتلقي العقيدة في باب صفات الله تعالى.

أما النقل فهم إما فوضوا فيه، أو أولوه لظنهم أنه لا يفيد الظن (٢) وقد ناقشناهم في ثلاثة فصول: الثاني والثالث والرابع من الباب الثاني (٣).

١٦ - أما الماتريدية الحديثة كالكوثري والكوثرية ومن سايره من بعض الديوبندية كالبنوري فلهم مقالة خطيرة أخرى وهي: أن كثيراً من أحاديث الصفات وضعتها الزنادقة وروجوها على المحدثين (٤).

١٧ - الإمام الماتريدي والماتريدية قد فهموا من نصوص صفات الله تعالى ما يليق بالمخلوق.

فلذلك هربوا من القول بظاهرها وظنوا أن ظواهرها تستلزم تشبيه الله بخلقه وحقائق تلك الصفات ممتنعة في حق الله تعالى بحجة التنزيه.

فلا بد من التفويض فيها أو تأويلها (٥).

وقد أفردت لإبطال هذه الشبهة فصلاً كاملاً، وهو من الباب الثاني (انظر ١/ ٤٧٨ - ٥٣٣) فأبطلتها بثمانية وجوه.

١٨ - موقف الماتريدية من صفات الله تعالى غير ما أثبتوه من بعض الصفات وموقفهم من نصوصها بين تفويض وتأويل (راجع ١/ ٤٧٣ - ٤٧٤، ٥٤١).

لكن قولهم بالتفويض للتخلص من نصوص السلف القاطعة الصريحة في الإثبات فقط، وإلا مذهبهم الذي استقروا عليه وطبقوه عملياً هو التأويل المبتدع الذي هو عين (التحريف) و (التعطيل) (٦).

١٩ - ادعت الماتريدية على السلف تفويضاً مطلقاً في الكيف والمعنى جميعاً، وهذه الدعوى باطلة على السلف لا حقيقة لها، وأنها خطأ عليهم، وافتراء شنيع وبهتان فظيع وتقول وتقويل (راجع ٢/ ١٢٧ - ١٢٩).

وهذه الدعوى تستلزم عواقب وخيمة ذكرتها بالتفصيل، وأبطلت مزاعمهم وشبهاتهم في فصل مستقل بعدة وجوه وأجوبة (٧).

٢٠ - الماتريدي والماتريدية فرقة عريقة غريقة في التأويل المستلزم لتعطيل صفات الله تعالى وتحريف نصوصها، وفتح أبواب الزندقة والإلحاد لأمثال القرامطة الباطنية وغير ذلك من العواقب الوخيمة الذي ذكرت بعضها في فصل مفرد (٨).

٢١ - إن الماتريدية لا يوجد عندهم قانون دقيق، ومعيار صحيح فيما يؤول وفيما لا يؤول.

ولذلك وجد عليهم القرامطة الباطنية طريقاً إلى تأويل الشرائع والمعاد.

وليس عند الماتريدية فاصل صحيح بين التأويل الصحيح وبين التأويل الباطل ليسدوا به طريق القرامطة (راجع ٢/ ٣٢٥ - ٣٣٩)؛

لأن للقرامطة أن يقولوا: أنتم مهما أولتم نصوص الصفات على كثرتها وتوافرها وعلى قطعية دلالتها على مرادها-

فلنا أن نؤول نصوص الشرائع والمعاد أيضاً.

وليست تأويلاتكم بأحق من تأويلاتنا، كما أن تأويلاتنا ليست بأبعد من تأويلاتكم، مع أن تأويل الشرائع والمعاد أسهل من تأويل الصفات (٩).

٢٢ - اشترطت الماتريدية في صحة التأويل شرطاً مهماً:


(١) راجع صـ: ١/ ٤٠١ - ٤٠٦.
(٢) راجع صـ: ١/ ٥٣٧ - ٥٥٠.
(٣) ٢/ ٥، ١٣٣، ٢١١.
(٤) انظر صـ: ١/ ٢٥٢، ٥٤٥، ٥٤٩.
(٥) انظر صـ: ١/ ٤٦٥ - ٤٧٧.
(٦) انظر صـ: ٢/ ١٣١، ٢٥٥، ٢٩٦، ٢/ ٤٣٦ - ٤٥٥.
(٧) راجع صـ: ٢/ ١٣٣ - ١٩٦.
(٨) راجع صـ: ٢/ ٢١٢، ٢١٣، ٢/ ٢١٤، ٢/ ٢١٥، ٢/ ٢١٩، ٢/ ٢٤٢، ٢/ ٢٥٥، ٢/ ٢٩٦، ٢/ ٣٠٤، ٢/ ٣٤٠.
(٩) انظر صـ: ١/ ٣٠٤ - ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>