للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أن يكون موافقاً لاستعمال اللغة العربية (١).

ومعنى هذا أن التأويل الذي لا يوافق اللغة العربية هو تحريف محض.

٢٣ - ولكن الماتريدية -مع الأسف الشديد- لم يطبقوا قولهم هذا تطبيقاً عملياً بل عملهم الواقعي في التأويل يخالف الشرط.

فقد ذكرت أمثلة عديدة لبيان أن تأويلاتهم لا توافق اللغة العربية، وإنهم لم يستطيعوا توفر شروط التأويل الصحيح.

إذن تأويلاتهم تحريف محض مستلزم لتعطيل بحت (٢).

٢٤ - بل قد صرح كثير من أئمة الإسلام على أن تأويلات المتكلمين تحريف (٣).

٢٥ - وأن تأويلاتهم تستلزم تعطيل الصفات حتى بشهادة الإمام أبي حنيفة، وكثير من كبار أئمة الماتريدية (٤).

الماتريدية متناقضون في قضية التأويل حيث أثبتوا بعض الصفات وأولوا بعضها فإما أن يثبتوا جميع الصفات، وإما أن يؤولوا جميعها، لأن الدافع للتأويل- وهو شبهة التشبيه، وتحقيق التنزيه- موجود فيما أثبتوه أيضاً (٥).

٢٧ - إن الماتريدية لم يعرفوا حقيقة (التشبيه) الذي يجب نفيه عن الله تعالى، فأدخلوا في مفهوم التشبيه كثيراً من الصفات فنفوها (٦).

٢٨ - كما أنهم لم يعرفوا حقيقة (التنزيه) الذي يجب إثباته لله سبحانه، فأدخلوا في مفهوم التنزيه نفي كثير من الصفات فعطلوها (٧).

٢٩ - فصار (توحيدهم) ذا صلة وثيقة بتوحيد الجهمية الأولى، والمعطلة الخرقاء والفلاسفة الحمقى.

٣٠ - إن الماتريدية في مقالتهم: (التأويل) قد خالفوا إجماع سلف هذه الأمة، وأئمة السنة، ولا سيما الإمام أبا حنيفة وأصحابه الأوئل (٨).

٣١ - اشتهر على ألسنة الناس أن الأشعرية والماتريدية قد أثبتوا سبعاً من الصفات التي يسمونها (صفات المعاني) أو (صفات عقلية) أو (صفات ثبوتية) أو (صفات ذاتية).

وهي: الحياة، والقدرة، والعلم، والسمع، والبصر، والإرادة، والكلام، وزادت الماتريدية صفة ثامنة، وهي (صفة التكوين) التي هي مرجع جميع الصفات الفعلية عندهم (راجع ٢/ ٤٣٠ - ٤٣٣).

ولكن الحقيقة أنهم لا يثبتون هذه الصفات كلها جميعاً. وإن تظاهروا بإثباتها.

لأنهم اتفقوا بإثبات أربع منها: وهي الحياة، والقدرة، والعلم، والإرادة. مع تفلسف في إثباتها كإثبات السلف.

واختلفوا في (السمع والبصر).

أما (صفة الكلام) فلا يؤمنون بها، على طريقة سلف هذه الأمة؛ بل عطلوها جهاراً دون إسرار، وأثبتوا لله تعالى- كذباً وافتراءً عليه- ما يسمونه (الكلام النفسي) - الذي لم يعرفه الأنبياء والمرسلون، ولا الصحابة، ولا التابعون، ولا الأئمة الفقهاء والمحدثون، ولا أحد من بني آدم، ولايقره عقل ولا نقل ولا عرف ولا إجماع حتى جاء دور (ابن كلاب) (بعد ٢٤٠هـ) فأحدث بدعة (الكلام النفسي) وأما صفة التكوين فيرجع الأمر إلى أن الخلاف بين الفريقين لفظي. وأن التكوين يرجع إلى صفتي القدرة والإرادة (٩).

٣٢ - الماتريدية حصروا صفات الله تعالى في أربعة أنواع تحتها (٢١) صفة فقط لا غيرها، وهذا عين الإلحاد وتعطيل صريح لما سواها (١٠).

٣٣ - الصفات الفعلية عندهم ليست صفات لله تعالى على سبيل الحقيقة ولا قائمة به تعالى، لئلا يلزم قيام الحوادث به سبحانه؛ لأنها حادثة. بل هي من متعلقات صفة (التكوين) عندهم.

وهذا كما ترى تعطيل صريح (١١).


(١) انظر صـ: ١/ ٢٠٩.
(٢) راجع صـ: ٢/ ٢٥٥ - ٢٩٥، ٢/ ٣٢٥ - ٣٣٩.
(٣) انظر صـ: ٢/ ٢٨٥ - ٢٩٥.
(٤) راجع صـ: ٢/ ٢٩٩ - ٣٠٣.
(٥) انظر صـ: ٢/ ٣٤٠ - ٣٥٣.
(٦) انظر صـ: ١/ ٤٨٤ - ٤٩٨.
(٧) انظر صـ: ١/ ٤٩٨ - ٥٠٨.
(٨) انظر صـ: ٢/ ٢١٩ - ٢٤١، وانظر صـ: ٢/ ٤٧٦ - ٤٨٥، وانظر صـ: ٢/ ٥٠٣ - ٥١٣، وانظر صـ: ٢/ ٥٢٥ - ٥٤٢.
(٩) انظر صـ: ٢/ ٤٣١ - ٤٣٣.
(١٠) انظر صـ: ٢/ ٤٢٦ - ٤٢٨، ٢/ ٤٣٠ - ٤٣١.
(١١) انظر صـ: ١/ ٤١٨ - ٤٢٣، ٢/ ٤٢٥ - ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>