للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٤ - إن الماتريدية قد عطلوا كثيراً من صفات الله تعالى الثبوتية. وقد ذكرت لذلك (٣٥) مثالاً وحرفوا نصوصها بالتأويل (١).

٣٥ - وقد ظهر بهذا أن الماتريدية معطلة أكثر من أنهم مثبتة، فصح إطلاق (الجهمية) عليهم (راجع ١/ ٤٠١ - ٤٠٧).

٣٦ - وجدت عند الماتريدية حماقات كلامية كثيرة -مع ادعائهم العقل والنظر- منها حماقات ثلاث لا يقرها عقل ولا نقل ولا فطرة ولا إجماع ولا عرف ولا لغة.

• الأولى: تعطيلهم لصفة (العلو) لله تعالى، وقولهم: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا تحت ولا فوق، ولا يمين ولا شمال ولا خلف ولا أمام إلى آخر الهذيان (٢).

• والثانية: تعطيلهم لصفة (الكلام) لله وقولهم بخلق القرآن، وخلق أسماء الله الحسنى وقولهم ببدعة (الكلام النفسي) (٣) (انظر ٢/ ٧٣ - ٨٢).

• الثالثة: زعمهم أن الكتب السماوية والأحاديث النبوية جاءت على خلاف الدين الحق- لأن الدين الحق هو نفي (الجهة) عندهم. (أي نفي علو الله تعالى على خلقه) واعترفوا بأن الكتب السماوية أتت بنصوص تدل على (الجهة) وأن الله تعالى فوق العالم. ولكن قالوا في الجواب عن ذلك: إن الكتب السماوية إنما جاءت بنصوص (العلو) لأجل استدراج الناس، لمصلحة الدعوة إلى الدين الحق. لا لأجل تحقيق أن الله تعالى فوق العالم؛ لأن الكتب السماوية لو جاءت بالتصريح بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه، ولا فوق ولا تحت- لبادر الناس إلى الإنكار ولسارعوا إلى العناد.

ولقالوا: للرسل عليهم السلام: إن الذي تدعوننا إليه هو عدم محض، فاقتضت حكمة الدعوة أن جاءت الكتب السماوية موافقاً لما يزعمونه من أن الله تعالى فوق العالم (٤).

وهذا كما ترى ضلال بواح صراح وتعطيل وإلحاد شنيعان فظيعان.

وهذا القول مشتمل على نسبة الكذب إلى الله تعالى وإلى كتبه المطهرة وإلى رسله عليهم السلام لمصلحة الدعوة.

ثم هو تحريف باطني وتخريف قرمطي مأخوذ من القرامطة الباطنية كما صرح به ابن سينا الحنفي المتفلسف القرمطي الباطني (٤٢٨هـ) (٥).

٣٧ - اعتنق الماتريدية عقائد هي كفر صريح عند سلف هذه الأمة، وأئمة السنة.

منها: إنكارهم لعلو الله تعالى؛ فهذا كفر عند السلف حتى عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله (٦).

ومنها: القول بخلق القرآن، وهذا كفر صريح عند السلف حتى عند الإمام أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله تعالى أيضاً؛ وهذا كله باعتراف الماتريدية (٧).

ومنها: القول بخلق أسماء الله الحسنى؛ فهو كفر عند سلف هذه الأمة وأئمة السنة أيضاً حتى عند من يعدونه من كبار أئمة الحنفية، كعبد الله بن المبارك رحمه الله (٨).

ومنها: تعطيل صفة (النزول) لله تعالى إلى السماء الدنيا (٩).

٣٨ - إن الماتريدية قصدوا تحقيق (التنزيه) لله تعالى ونفي (التشبيه) عنه سبحانه وتعالى.


(١) انظر صـ: ٢/ ٤٣٦ - ٤٥٥.
(٢) وقد أبطلنا قولهم عقلاً ونقلاً وفطرة وإجماعاً في فصل مستقل انظر صـ: ٢/ ٤٥٩ - ٥٩١.
(٣) وقد أبطلتُ (الكلام النفسي) بسبع وعشرين وجهاً، انظر صـ: ٣/ ٨٣ - ١٢١، وأثبت أن كلام الله بحرف وصوت وأبطلت قولهم: إن كلام الله لا بحرف ولا صوت انظر صـ: ٣/ ١٢٢ - ١٤١. وذكرت نصوص السلف في ذم القائل بخلق أسماء الله تعالى الحسنى، بل في تكفير قائله انظر صـ: ٣/ ١٥٦ - ١٥٩.
(٤) انظر صـ: ٢/ ٢٥٩ - ٢٦٦ ومثله تخريفهم في ص ٢/ ٢٧٢ - ٢٧٧.
(٥) راجع صـ: ٢/ ٢٦٦ - ٢٧٢.
(٦) راجع صـ: ٢/ ٤٧٤ - ٤٧٦، ٤٨٠، ٢/ ٤٨٣، ٢/ ٥٢٥ - ٥٢٨.
(٧) راجع صـ: ٣/ ١١٢ - ١١٦.
(٨) انظر: صـ: ٣/ ١٥٦ - ١٥٨.
(٩) راجع صـ: ٣/ ٣٧ - ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>