٤٦ - ومنها أن المهايأة: هي قسمة المنافع، أي اختصاص كل شريك بمشترك فيه عن شريكه فيها زمنا معيناً من متحد أومتعدد، وهي مشروعة بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، وهي على نوعين: زمانية ومكانية، وإذا اتفق الشركاء عليها كان لهم ذلك، وإن طلبها أحدهم وامتنع الآخرون وكانت مما تحتمل القسمة فإنها تقسم بينهم، وإن كانت مما لا تحتمل القسمة ولم يطلب بيعها وإنما طلب المهايأة، أو كانت مما تحتمل القسمة ولم يطلب أحد منهم قسمتها، فإن الممتنع من المهايأة يجبر عليها على القول الراجح.
٤٧ - أن قسمة الأعيان: تعيين النصيب الشائع في جزء معين، وإفرازه عن غيره من الأنصباء بحيث يكون متميزاً ومستقلاً وهي مشروعة بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، والاعتبار، والراجح في قسمة الأعيان أنها إفراز لا بيع فيما ورد عوض فهي بيع في المردود فيه.
وتنقسم من حيث الذات إلى قسمة أجزاء وقسمة تعديل، وقسمة رد، ومن حيث الرضا والإجبار إلى رضائية وإجبارية، ومدار القسمة على الرضا والإجبار.
٤٨ - أنه إذا طلب أحد الشريكين في مكيل أو موزون من نوع واحد أن يقسم بينهما فإنه يجاب إلى ذلك.
فإن كانت المكيلات والموزونات أنواعاً مختلفة فطلب أحدهما قسم كل عين على حدتها أجيب إلى ذلك، وإن طلب قسمتها أعياناً بالقيمة وامتنع الآخر لم يجبر على ذلك.
فإن كان بينهما أعيان أخرى غير المكيل كالثياب مثلاً فطلب أحدهما قسمة كل ثوب وأمكن ذلك من غير ضرر فإنها تقسم، وإن لم تمكن هذه القسمة فطلب قسمتها أعياناً بالقيمة وامتنع الآخر فإنه يجبر على القول الراجح، هذا إذا كانت الأعيان جنساً واحد، فإن كانت أجناساً متعددة كثياب وأوان فطلب قسمة كل جنس على حده أجيب إلى ذلك. هذا إذا لم يترتب على القسمة ضرر أو رد عوض. فإن ترتب على القسمة رد عوض فامتنع أحدهما فإنه يطلب منه الرضا على بالقسمة، فإن امتنع طلب من الآخر أن يأخذ ما فيه رد عوض فإنه امتنع لم يجبر منهما على القول الراجح.
وإن ترتب عليها ضرر بهما كالعين التي تحتمل القسمة فدعا أحد الشريكين إلى بيعها فإنه يجبر الآخر على القول الراجح – والمقصود بالضرر المانع من القسمة على القول الراجح- هو ما لا يمكن معه انتفاع أحد من الشركاء بنصيبه مفرداً كما كان ينتفع به مع الشركة.
وإن ترتب عليها ضرر بأحدهما وكان الطالب للقسمة من لا يستضر بها فإن الآخر لا يجبر عليها، وإن كان الطالب لها من يستضر بها ولم يكن له غرض من هذه القسمة فإن الآخر لا يجبر عليها وإن كان له غرض صحيح أجبر الآخر عليها على القول الراجح.
فإن كان بين الشريكين علو وسفل وتراضيا على قسمته جاز كيفما تراضيا عليه، وإن أراد أحدهما القسمة وامتنع الآخر وكان يريد قسمتها علو وسفلاً قسمة واحدة، ولا ضرر في ذلك فإنه يجبر الممتنع على القول الراجح، وإن أراد قسمة العلو وحده أو السفل وحده وترك الآخر على الإشاعة أو أراد قسمة العلو وحده بينهما والسفل وحده بينهما لم يجبر.
٤٩ - أنه إذا طلب أحد الشريكين في أرض مزروعة قسمتها دون الزرع وامتنع الآخر، فإنه يجبر عليها، وإن طلب قسمة الزرع دون الأرض وكان الزرع بذراً فلا خلاف في عدم الجبر وإن كان قصيلاً، فالراجح أن المرجع في الجبر وعدمه إلى القاضي، فإن رأى له منفعة بقطع الزرع أجبر الممتنع وإلا فلا. وإن كان الزرع حباً مشتداً فلا خلاف في عدم الإجبار، وإن طلب قسمة الأرض وفيها بذر لم يخرج الممتنع، وكذلك الحال إن طلب قسمتها والزرع قصيل أو بذر مشتد، وإن تراضيا على القسمة فيها صحت على القول الصحيح.